في تخاذل واضح، يكشف ابعاد المقايضة بين الغرب وروسيا، والقاضية بإطلاق يد كل منهما في منطقة نفوذ الآخر، فبعد ان غض النظر الروس عن عمليات الغرب، وذراعه العسكرية الحلف الأطلسي في يوغسلافيا، لاعادة ترتيب الاوضاع في أوروبا، يرد الغرب الثمن هذه المرة للروس، بغض النظر عما يفعله الروس في الشيشان.
ومثلما فعل الروس إبّان الضربات الجوية والعمليات العسكرية في العمق اليوغسلافي عندما اكثروا من تصريحات الشجب والتنديد وتهديد قوات الحلف الأطلسي بالتدخل لصالح الصرب، تقوم الدول الغربية بنفس الدور تجاه مايقوم به الروس من اعمال وحشية وعدوان شرس ضد الشعب الشيشاني.
ومع اختلاف اهداف الدول الغربية، او على الاقل الهدف المعلن للتدخل لوقف عمليات الفصل العنصري والابادة للكوسوفيين المتحدرين من اصل الباني، في حين يشن الروس عدوانهم لمنع شعب حرٍّ من حرية تقرير مصيره وابادته لفرض مزيد من الهيمنة والتمدد للنفوذ الروسي.
نقول رغم اختلاف الاهداف إلا ان صفقة المقايضة بانت بوادرها منذ الايام الأولى للعدوان الروسي على الشيشان، فقد كانت الاعتراضات الغربية معدومة، ثم خجولة، وبعد تزايد الاعمال الوحشية والتدمير المتعمد لكل نواحي الحياة في الشيشان احرجت الدول الغربية فرفعت من نبرة اعتراضها، ولكن عندما جد الجد، وحان وقت اتخاذ عقوبات ضد المعتدين الروس في اجتماع مجلس اوروبا، تراجع الاوربيون وعدلوا عما كانوا يهددون به السلطات الروسية.
وقد كشف احد الشخصيات الاوروبية اللورد جود عضو حزب العمال البريطاني من حيث يدري او لايدري الموقف الحقيقي للغرب، عندما قال قبل بدء اجتماع مجلس اوروبا بأن الحاق الاهانة بالوفد البرلماني الروسي لايخدم الاهداف التي نعمل من اجلها,, !!
أي أهداف,,,؟!!
من خلال ماشاهدناه في كوسوفا، ومانراه الآن في الشيشان ان يكون المسلمون حطبا لنيران حروب الغرب والروس لتعزيز مصالحهم، رغم تبدل المسميات من امبرياليين الى رأسماليين الى دعاة العولمة,, ومن شيوعيين الى اصلاحيين الى دعاة فتح الاسواق,,!!
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com