آفاق رياضية,, زاوية خاصة تأخذ شكل البحث العلمي المبسط، هي كتابات تعتمد الأسلوب الثقافي والفني غير المألوف، كما تعطي المعلومة أبرز خصائصها بدقة غير عادية، وهي بالتالي ليست مقالة رأي عادية كمثيلاتها,, لعل جل اهتماماتنا الشخصية، الحرص على أساسيات الفكر الرياضي العلمي بالمتابعة الدائمة والبقاء على مقربة من دائرة الأحداث، والاستمرار في العلاقات الطيبة مع جهات عديدة حول العالم,,, هدفنا طوال ما يزيد على ربع قرن من الزمان، الاهتمام بزيادة جرعات الثقافة الرياضية وإشباع نهم القارئ بكل جديد وفريد والوصول به إلى أعماق الجوانب الخلفية لمختلف الألعاب والأحداث، تأكيدا لسعينا الجاد والمستمر لترسيخ مقولتنا المتواضعة: الرياضة,, علم وثقافة ,, فماذا نقول في بداية المشوار ,,,؟
لغة الشعوب
لم تعد الرياضة أحد مجالات الترفيه والتسلية، بل أصبحت لغة التعايش والتنافس بين الشعوب، وهي تأتي في مقدمة اهتمامات كل الدول حرصا منها على ثروتها الحقيقية الدائمة بتوجيه وتشجيع شبابها لإثبات الذات، وبات توفير الإمكانات الشاغل الأكبر لتحقيق الإنجازات,, .
كلمات نحرص على ترديدها دائما، ولو ابتعدنا قليلا عن لعبة الملايين وانطلقنا من بوابةأم الألعاب التي تحتل المكانة المفضلة في عالم الرياضة على الإطلاق، لأدركنا الأهمية الطاغية لألعاب القوى كونها مقياس القدرات والمهارات البشرية في صراع الإنسان الدائم مع النفس والمدى والزمن,, وألعاب القوى تشمل مختلف أنواع العدو والوثب والرمي والحواجز والمشي، وتضم 42 مسابقة للجنسين معا ونحو 126 ميدالية متنوعة (24 مسابقة للرجال تتضمن 72 ميدالية، 18 مسابقة للسيدات ولها 54 ميدالية),, ولعل لحظة تفوق واحدة تكفي لرفع مكانة دولة بأكملها ليتردد صداها عبر العالم الفسيح!
وشهدت ملاعب الحقل والمضمار أبطالاً كبار أثبتوا جدارة عربية فائقة وحققوا الذهب والفضة والبرونز في أكبر المحافل الدولية، وكم سعدنا ولا نزال بإنجازات مغاربية وشرقية باهرة,, ففي الستينات والسبعينات كانت البداية الحقيقية مع العداء المغربي راضي عبدالسلامسباق الماراثون ، ثم التونسي الفذ محمد القمودي 5 آلاف متر، 10 آلاف متر ، وفي الثمانينات ظهر المغربي القدير سعيد عويطة 1500م ، 5 آلاف م ومواطناه إبراهيم بو طيب 10 آلاف متر والفتاة العربية الأولمبية الأولى نوال المتوكل400 م حواجز ، وفي التسعينات ازداد التألق العربي وانضم نجوم الجزائر وقطر والسعودية وسوريا إلى لائحة التفوق يتقدمهم الجزائري الشهير نور الدين مرسلي 1500 م، 3 آلاف م ومواطناه عز الدين براهمي3 آلاف متر موانع والأولمبية / العالمية الأولى حسيبة بولمرقة 1500م ، والمجموعة المغربية المدهشة خالد سكاح10 آلاف م ورشيد البصير 1500م وخالد بولامي10 آلاف م والفتاتان زهرة واعزيز 3 آلاف م، 5 آلاف م ونزهة بدوان400 م حواجز ، والقطري محمد سليمان1500 م ، والسعوديان سعد شداد الأسمري 3 آلاف متر موانع وعليان القحطاني اختراق الضاحية ، والعملاقة السورية غادة شعاعالسباعية وهي مسابقة بالغة الصعوبة تتطلب درجة هائلة من القوة والتحمل للفوز بمجموع نقاط سبع مسابقات متتالية في العدو المتنوع لمسافات 100 متر حواجز ، 200 م، 800 م والوثب الطويل والوثب العالي ورمي الرمح ودفع الكرة الحديدية!
لحظات التفوق,.
وممارسة ألعاب القوى هي الآن علم وفن في آن واحد,, ونظرة متأنية إلى سباق السرعة، ونعني به سباق العدو لمسافة المائة متر، تكشف بعض الأساسيات الواجب توافرها في عدو هذه المسافة القصيرة، فالأمر يحتاج إلى لحظات بل ثوان من قمة العطاء وذروة التألق عبر سرعة انطلاق مذهلة وقوة تحمل مدهشة، ولتأكيد ذلك تستخدم الساعات الإلكترونية لقياس سرعة الاستجابة لدى المتسابق، وهي اللحظة بين إشارة الانطلاق وتحرك العداء، والتي يفترض أن الحد الأدنى لهذه الاستجابة لا يتعدى جزءا في المائة من الثانية، كما أن سرعة الرياح يحتسب لها زمن محدد لا يزيد على المترين في الثانية.
من هنا نستمر في محاولاتنا الجادة لإضفاء الجانب العلمي والفني للعبة والحدث,, وليس كرة القدم وحدها هي الأكثر إثارة، فالألعاب الأخرى مليئة أيضاً بالمتعة والتشويق.