وسط انهماك الدوائر الاقليمية والدولية وانشغالها بما يدور في مفاوضات المسارين السوري والفلسطيني مع اسرائيل، أنجزت فرق هندسية اسرائيلية مسحاً طوبوغرافيّاً لاراضي قرى لبنانية محتلة في جنوب لبنان تمهيداً لضم اجزاء منها في محاولة اسرائيلية لاعادة ترسيم الحدود المعترف بها دولياً منذ واحد وخمسين عاما.
وعمليات المسح الطوبوغرافي الاسرائيلي للقرى الحدودية اللبنانية والتي ترافقت مع تزايد تصريحات كبار المسئولين الاسرائيليين بدءاً من رئيس الوزراء ايهودا باراك، تؤكد التحذيرات اللبنانية الرسمية تنبيها من خطورة الاعمال الاسرائيلية الساعية لتعديل الحدود التي لم تقتصر على عمليات المسح الطوبوغرافي، بل سبقته محاولات حثيثة ومتواصلة للاستيلاء على الاراضي اللبنانية المملوكة لمواطنين لبنانيين في القرى الحدودية، سواء بالشراء المتواطىء مع الإدارة العميلة في جنوب لبنان، ومن خلال مؤسسات وشركات عقارية وهمية، حيث تم بيع العديد من العقارات والاراضي خلال السنتين الماضيتين لشركات غير معروفة بموجب وكالات تفويض وسطاء متعاونين مع مليشيات مايسمى بجيش جنوب لبنان العميل.
هذا الاسلوب الاسرائيلي يعيد للاذهان الكيفية التي استولى بها اليهود على اراضي وممتلكات الفلسطينيين قبل عام 1948م اثناء الانتداب البريطاني على فلسطين بتواطؤ من قبل سلطات الانتداب آنذاك والتي استند الاسرائيليون عليها في عملية التقسيم.
واليوم يعيد الاسرائيليون نفس اسلوبهم القديم بعملاء محليين وفي غفلة او تغافل من القوى الدولية التي لم تستجب حتى الان لتحذيرات الحكومة اللبنانية التي نبهت الى خطورة واهداف المسعى الاسرائيلي وخاصة في الأسبوعين الماضيين، إذ حذر رئيس الحكومة اللبنانية الدكتور سليم الحص من مغبة الافعال الاسرائيلية مؤكداً أن لبنان يرفض اي تعديل لحدوده الجنوبية والتي يمثلها شمال خط الحدود المعترف بها دولياً بموجب معاهدة الهدنة لعام 1949م الموثقة لدى الامم المتحدة والتي تعد الحدود الرسمية مابين لبنان وفلسطين المحتلة والمقر من جميع الدول، وهو ماتؤكده نصوص قرار مجلس الامن الدولي رقم 425 الصادر عام 1978م والذي نص على انسحاب القوات الاسرائيلية من المنطقة التي تحتلها اسرائيل.
والسرقة الاسرائيلية هذه للأرض اللبنانية والاقدام على تغيير حدود دولية كثمن لانهاء الاحتلال, عمل موجه ضد جهود السلام وسيضر حتماً بالمساعي الهادفة الى تحريك محادثات المسار السوري الاسرائيلي للترابط الوثيق مابين المسارين السوري واللبناني كما انه عمل مقصود من الاسرائيليين لإجبار اللبنانيين على التفاوض مع الاسرائيليين وانتزاع تنازلات سياسية وأمنية لبنانية ثمناً للتخلي عن اراض لبنانية مثبتة في وثائق دولية.
الجزيرة