جاء في عدد الجزيرة ليوم الجمعة التاسع من رمضان المبارك 1420ه تعقيباً للأخ الأستاذ محمد بن دخيل العصيمي رداً على مقال سبق أن نشر لي في تراث الجزيرة بالعدد 9927 تحت عنوان شعراء في الذاكرة مصححاً فيه بعض الأخطاء التي أوردتها حسب تعبيره!.
والأستاذ محمد باحث وصاحب قلم، وهو من الرجال النشطاء في مجال الكتابة والتأليف، وله في نفسي قدر كبير,, ومكانة خاصة وهو لا يدري.
ومما أثار دهشتي وعجبي حين قال بالحرف الواحد: النقيدان يقول فهيد وهو يعتمد على شيوخه من كبار السن، ومعلومات هؤلاء معلومات اخبارية، والمعلومات الاخبارية الأقرب للثقة هي معلومات آل فهيد أهالي الأسياح وفي مقدمة أولئك شيخ الرواة الأستاذ الشيخ منديل الفهيد.
أقول:
الله يرفع ما حَقَرت!, كيف يا أخي تصدر حكمك هذا بأن آل فهيد هم وحدهم الذين يحفظون أخبار وأحداث وتواريخ وأشعار منطقتهم وتجعل ذلك وقفاً عليهم لا يشاركهم ولا ينازعهم فيه منازع دون استثناء؟!
ألم تعلم أني أوّل من تنكّب الصحراء قبل خطوط الإسفلت وصلت وجلت أياماً وليالي حول منطقة القصيم سنة 1385ه وكتبت بحثاً مطولاً عن آثارها وقصورها ومبانيها ومن ضمنها قصر مارد بالأسياح يوم كان أغلب سكانها يجهلون هذا القصر ويُعمِلون فيه هدماً وتحطيماً في فؤوسهم ومعاولهم ليبنون من حجارته بيوتهم وحظائر ماشيتهم! لأنهم لا يقدرون ولا يعرفون قيمة هذا الأثر التاريخي شأنهم شأن بقية سكان منطقة القصيم في ذلك العهد! ونشرت ذلك البحث في مجلة المنهل لشهر جمادى الأولى سنة 1385ه ج (5) م (26) فراجعه ان شئت.
كما رفعت عدة خطابات فيها نداءات إلى جامعة الملك سعود في ذلك العهد ان تحمي هذا الأثر من عبث العابثين.
أقول ذلك دون تفاخر أو تباهٍ حتى لا يفهم منه الاطراء والاستهلاك الذاتي، وإنما الشيء بالشيء يذكر، فلست كما تتصور أو تتخيل من البساطة والسذاجة ثم ان الشيخ منديل مثل غيره من البشر، وكان شاعراً مغموراً وليس براوية فخدمته الظروف ولم يخدمها، حيث دعته الاذاعة السعودية قبل ثلاثة عقود ووضعت له مكتباً يتلقى من خلاله الأشعار والأخبار، وأعطته مرتباً شهرياً أو هي مكافأة مالية على كل حلقة فاستفاد فائدة عظيمة وهو جالس على مكتبه وأحياناً في بيته، ثم قام بطبع هذه الأشعار التي كان يبعث بها إليه المستمعون من كل حدب وصوب تحت اسم من آدابنا الشعبية وأصل هذه الرسائل تعود ملكيتها للاذاعة ولكن ومن باب تثقيف القارئ وتعميم الفائدة على الشعب السعودي وأيضاً الخليجي سمحت له الاذاعة بطباعتها وامتلاكها.
أما النقيدان ذلك الرجل الذي يدفع من جيبه ثمن البنزين والزيت,, وثمن المسجل كلما ضاع أو أصيب بعطل,, وثمن الأشرطة,, والأوراق,, والأقلام,, ويقطع المسافات البعيدة والقريبة,, ويترك بيته المكيف في عز الصيف وأولاده,, باذلاً الوقت والجهد والعرق ليحصل على قصيدة قديمة,, أو قصة مفيدة، ثم يعود إلى أهله وكأنه حاز على تاج الملك! وقد يعود دون أن يظفر بشيء، ثم يأتي عاقل العقلاء,, وعارف العارفين محمد العصيمي ويقول له: ما عندك سالفة ولا خبر، العلوم الواكدة عند فلان! خوش تقدير!, وخوش تشجيع!.
فإذا كان هذا حال كبار أدبائنا الشعبيين وفطاحلتهم وتلك نظرة بعضهم لبعض، فما الذي يُرجى من قصيري النظر ومتوسطي المعرفة والدراية؟!
وأنا هنا لا أحاول أن أقلل من قيمة شيخنا منديل أو ابخسه حقه وما قدم للأدب الشعبي من أعمال جليلة وجهود يشكر عليها ولكن: لأبين أنه يجب احترام الزمالة,, وتقدير الأعمال الفكرية بل وتشجيعها، خصوصاً في هذه المرحلة التي اختلط فيها الحابل بالنابل,, والجيد بالرديء وليكن معلوماً أن العلوم والآداب مشرعة لكل مجتهد وليست لفئة دون أخرى، والحياة ميدان واسع يتسابق فيه أصحاب الهمم العالية من البشر، الأمير فيهم والحقير,, والغني والفقير، والفرق في التحصيل ودرجة الامتياز، فليس لأحد فضل على أحد إلا بالعلم الذي حصل عليه وتعب من أجله.
وفي ملاحظة أخرى وردت في معرض تعقيبه يقول فيها وهذه القصائد لم تكن ضمن قصائد الشاعرين المتداولة لا في كتاب الأستاذ حمود النافع شعراء الزلفي ولا في شعراء عتيبة ورغم انني لا أنكر وجود هذه القصائد إلا أنني أطلب من الأستاذ النقيدان ان يثبت صحة نسبة هذه القصائد إلى رشيد العلي وزميله, تأملوا أيها الإخوة قوله: أن يثبت صحة نسبة هذه القصائد لهذين الشاعرين!.
فالمسألة تتطلب اثبات فإن كنت يا النقيدان قد عولت على مرجع مطبوع فأنت صادق! وإن كنت قد عولت على رواة فرواتك مشكوك فيهم!.
نعم هو يعترف بوجودها ولا يعترف بانها لهما لأنها ليست عنده,, ولم يسبق له أن سمع بها من قبل فانتابته الدهشة والذهول! واستكثر على غيره تدوينها وحفظها! فليس من المعقول ان تكون عند النقيدان دون أن يحصل عليها هو!.
وهنا أحب أن أسألة وأقول:
هل تعتقد أن زميلنا العزيز حمود النافع قد ألم إلماماً كاملاً بجميع شعراء الزلفي وباشعارهم؟
أنا عندي الآن شعراء من الزلفي لم يورد لهم النافع في دواوينه لا أشعار ولا أخبار, وأجزم يقيناً انك لو سألته سؤالي هذا لقال لك: نعم.
وهل يعتقد الأستاذ أيضاً انه يحيط بجميع شعراء الجزيرة العربية وبأشعارهم حاضرة وبادية؟.
دعنا من شعراء الجزيرة العربية فهذا مستحيل ولنعد إلى أقرب الأقربين شعراء عتيبة فإن كنت تعتقد انك في هذا الديوان الذي اصدرته في جرءين هم كل شعراء عتيبة فقد حكمت على نفسك بنفسك انك لا تعلم عنهم شيئاً, وإني لأرجوك السماح والعفو على هذه الصراحة لأن اجابتي هذه لا تخرج عن نطاق سؤالك.
والأدهى من ذلك ما ختمت به مقالتك حين قلت: الملاحظة الأخيرة التي أسوقها في هذا التعقيب الخاطف هي موجهة إلى النقيدان، والمشرف الحميدي الحربي وأقول لهما.
آمل أن يذكر كل باحث مصادر بحثه، وتحديد الصفحات لأن في ذلك فائدة لمن أراد أن يستزيد من تتبع ذلك الموضوع والاطلاع على قوة مصداقية تلك المعلومات، وعليه أقول:
ما هي المصادر التي تطلب مني أن أرجع إليها؟ هل هي الأزهار النادية؟, أو مؤلفات منديل؟ أو شعراء الزلفي؟, وشعراء عتيبة وغيرها كثير؟!
يا أخي هذه المدوّنات يجب ألا نأخذ منها ونعيد ونكرر إلا في حدود الاستشهاد فقط، وعلينا أن نُرَغّب قراءنا بالبحث والتجديد واعطاءهم صورة صادقة عن ماضيهم لمقارنتها بجيل الحاضر، وأنت بهذه الملاحظة التي وجهتها لي ولزميلنا المحرر تريد أن تغلق باب الاجتهاد والنوافذ المؤدية إلى ذلك الماضي,, وتعطّل همم الباحثين! وتجعل الناس يعتمدون على النقل والتجميع! وهذا ما جعل هذه المطبوعات أكداساً مكدسة فوق رفوف المكتبات دون أن يكون لها مشجع أو راغب في الشراء.
والشعر الشعبي,, والقصص الشعبية,, والحكايات والأساطير الشعبية,, والأمثال,,وأخبار الحروب,, والوقائع والأشعار أغلبها ضائع، والمدوّن منه ناقص وهو محفوظ في صدور الرواة من كبار السن, وليس هناك من سبيل للحصول على ما يتيسر منها الا امتطاء الصحارى والقرى والأرياف والواحات لجمع ما تبقى منها وتدوينه، بشرط أن نتقي الله ونراعي الصدق والأمانة فيما نكتب,, وان نكون عادلين ومنصفين وألا ننجرف وراء الأهواء والعواطف,, ونستعجل أمورنا حتى نتحقق ويتبين لنا الصح من الخطأ,.
وبامكانك الرجوع إلى مقدمة كتابي من شعراء بريدة ج 2 ص 9 لتقف على نهجي واسلوبي في البحث والكتابة.
فما الذي وجدت عند الناس حين قرأوا هذه المقدمة ووقفوا على الحقيقة؟
لقد وجدت القبول والتأييد والتشجيع,, ولا داعي للاسترسال في هذا الأمر حتى لا ندخل في أسلوب دعائي يفسد سعينا.
على أن البحث الميداني هو المطلب والأمل الوحيد لاستعادة تراثنا الشعبي الذي لم يلق من الحفظ والعناية مثلما لقيه الشعر الفصيح الذي ظل محفوظاً في صدر الرواة منذ العصر الجاهلي حتى العصر الأموي ففي هذا العهد جاء جيل الوراقين فأخذوه من أفواه رواته وكتبوه على الجلود، وأخذوا يستنسخونه كلما مر عليه جيل ورأوا هذه الجلود قد أشرفت على التمزق وهكذا حتى جاء عصر الطباعة, ولا تزال هذه المخطوطات الشعرية باقية إلى يومنا هذا في مكتبات لندن، وبرلين، وباريس، واسطنبول، والقاهرة، وبغداد بعضها حقق وبعضها ينتظر الفرج.
أما الشعر الشعبي فلم يكن له نصيب من التدوين وانما كان حظه لا يتعدى حفظه على الصدور، وكلما مات راوية من رواته تناقص عدده وتمضحل شعراؤه وكثر تحريفه وانتحاله.
فلما فتحت أبواب دور العلم وعم النور والاشراق جزيرة العرب عرف الناس قدر هذا الشعر فالتفتوا إليه لأنه صورة ناطقة لتاريخهم وحضارتهم وفيه عاداتهم وسجاياهم,, وفيه شجاعتهم وبطولاتهم، فاستدرك الباحثون أجزاء ضئيلة منه والأكثر ترك وأهمل، وهو يحتاج اليوم إلى لفتة كريمة ودعم مادي من قبل الدولة يعطى للباحثين لمتابعة وتسجيل القديم منه عند كبار السن.
أخيراً:
شكراً جزيلاً أولاً وأخيراً للحميدي الحربي على سعة صدره وتحمله، ولك يا أخي محمد العصيمي ما يعادله من الحب والتقدير,, ولعموم القراء سلامي وتحياتي.
سليمان بن محمد النقيدان
***
* المحرر:
لإيماننا بأن النقاش الجاد يفضي الى نتيجة حسنة نشرنا الموضوع أعلاه.
وقد تحدث عن جانب مهم في جوانب أدبنا الشعبي وهو الراوي,, وأهم المصادر التي يستقي منها مروياته,, ونأمل ان تكون الردود سواء ممن ذكرهم النقيدان أو أي من المهتمين بهذا التراث في دائرة الرواية وآدابها,, ومصادرها حتى تتم الفائدة المرجوة من اثارة هذا الموضوع وللجميع شكرنا على ثقتهم واختيارهم الجزيرة منبراً لتبادل الرأي والنقاش حول قضايا الأدب الشعبي.
حال العود
العود هنا هو الشعر الشعبي,, او بالاصح الشعر الشعبي الاصيل,,ومع ان الشاعر شاب,, وهو الشاعر السعودي جوهر غالب الحربي الطالب في جامعة الكويت قسم الادب الانجليزي,, فقد حاول ان يعبر عن نظرته الى حال الشعر الشعبي اليوم وما اعتراها من اسقام سببها كثرة الدخلاء في ساحته اذ يقول:
صدفة لقيت الشعر في قسم الاعصاب يبي يشق الثوب ومحجزينه واسمع وراه في غرفته صوت واطلاب احدٍ يبي يحماه واحدٍ يدينه ونشدت عنه اهل العناية والاطباب وش صار حال العود يا معا لجينه قالوا مريض ودخل اشهار منصاب والظاهر انه مقفيات سنينه قلت ابي ازوره عجلوا فكوا الباب قالوا دريك ويزعجك في ونينه قلت ان هجرته عمد يلحقني اعتاب تكفون لا تقفون بيني وبينه قالوا تفضل دون تقييد واحساب لون حال العود ما هي بزينه وجيته وهو من ضجة الناس مرتاب وقام وتنهض في وقار وسكينه عليه من لبس العيادات جلباب وسلك المغذي رابطه في يمينه وحبيت خشمه واقبل الدمع سكاب وابطى يطالعني بعين حزينه جسمه نحيل ولحيته كلها تراب وبعض الكوايا واسمات جبينه معروف ما بين القرايب والاجناب شكل بدوي معروف مله وطينه قلت انت وشلونك عسى مالك اسباب وقام يتلقف عبرته في يدينه قلت انت لا تبكي ترى عندك اقراب قرابة المولود من والدينه ومش الدموع وقال ويش انت يا شاب وفلان وابن افلان وفلان وينه ناس ثنوا من دون حقي ولا غاب يوم انهم حيين متوارثينه متوارثين الصيت والصيت ما خاب يا طيب صيتي عندهم شاهرينه واليوم شوه سمعتي كل مغتاب يلعب على الحبلين محد يهينه الا قليل من كثير العرب طاب تالي رجايه عقب ذقت الغبينه لعلهم يبنون بيتي بالاطناب في وجه صلفات الليال المتينه وحقي عليهم ذبح تسعين كذاب ومن فوق هذا شرهتي بالثمينه وان ما فعلوا هذا ترى مالي اصحاب بكره تبي تصبح عظامي دفينه بلغ لي الشعار في كل الاشعاب تراك في حكم الوصيه رهينه وانته تنوب وكل شاعر ليا ناب يصبح كما الربان فوق السفينه اما قدم والا هفى هفوة اغراب والشعر ما هو شي لولا سمينه بلغ شواعير النبط تصدر كتاب عن عالمٍ شعر النبط ظالمينه قلت الوصيه واصله ما به أطلاب ابدا تطمن والمراسيل أمينه وقام وتلحف وانسدح وأغلق الباب وعقب المرض عادت عليه السكينه |
جوهر غالب الحربي