* عزيزتي الجزيرة
تواجه الإنسان تغيرات عديدة ومعقدة تشكل تحدياً كبيراً له، وتتطلب منه التكيف معها ليتمكن من المحافظة على ما وصل إليه من تقدم وحضارة.
ويتجلى هذا التكيف في عملية الابتكار الذي يعد وسيلة لمساعدة الإنسان في مواجهة التغيرات الطارئة ومواكبتها لضمان مستقبله.
وقد اتفق علماء النفس في تعريف الابتكار على أنه يدور حول عملية ميلاد جديد اختراعاً كان أو فكرة.
ولا شك أن الأمم أصبحت اليوم تقاس بما لديها من مفكرين ومبدعين وتقع المسؤولية الكبرى في هذا المجال على عاتق التربية ومؤسساتها سواء أكانت الأسرة أو المدرسة أو بقية تلك المؤسسات التربوية المسؤولة عن بناء الأجيال.
إن ايجاد جو اجتماعي داخل المؤسسات التربوية تسود فيه العلاقات الجيدة يشجع على الابتكار ويشجع على نمو سمات في الشخصية تساعد على تنمية العمليات العقلية وتصقلها.
إن إحساس الطالب في المدرسة أو الابن في المنزل بالأمان والثقة بالنفس يفجر ينبوع الإبداع عنده وهذا لا يتم إلا بالإيمان والثقة بعقول الأبناء وأنهم قادرون على الإبداع والابتكار، وقادرون أيضا على مواجهة التحدي وتحقيق الحاجات, ولهذا فإن للابتكارات أهمية كبيرة في حياة الإنسان، فالحاجة إليها مستمرة ما دام الإنسان يعيش على هذه الأرض ويرى آفاقها، ولضمان استمرارية هذه الحاجة يجب الكشف عنها في مراحلها الأولى لتتم رعايتها وتنميتها وبالتالي تتحقق الاستفادة منها, إن أبناءنا فيهم مبدعون وبذرة الابتكار موجودة عندهم ولكنها تحتاج إلى إبراز ومتابعة.
يجب علينا أن نقتنع بأن عقول أبنائنا قادرة على الوصول إلى ما وصل إليه أبناء الآخرين والخطورة تكمن في كبت هذه القدرات وتجاهلها.
وقد تعد الفكرة الجديدة من الابن ساذجة، ولكن متابعتها وتشجيعها والثناء عليها وعلى صاحبها طريق موصل إلى نجاحها ونضجها.
وعلى هذا فعلينا ألا نقلل من شأن الأفكار التي يأتي بها أبناؤنا فهم قادرون على بلورتها ونمائها، ولكن هم بحاجة إلى وقفة منا معهم وتهيئة الظروف المناسبة، وتقديم الدعم المعنوي والمادي لهم والحذر من كبت أفكارهم أو رفضها أو انزال العقوبة بهم إذا قدموا أفكارا ايجابية غير مألوفة لنا.
وبهذا فإن أبناءنا ثروات في أيدينا ورأسمال حقيقي لنا وعقولهم مؤهلة للإبداع وقادرة على الابتكار ويحتاجون دائما إلى الدعم وغرس الثقة فهم كنوز مغمورة وتجارة رابحة.
ولن يتم استثمارها إلا بتضافر الجهود بين المدرسة والأسرة فما تقدمه الأسرة ترعاه المدرسة وما تكسبه المدرسة تحتضنه الأسرة وتنميه.
* إشارة:
الأسرة والمدرسة جناحان يحملان جسداً.
محمد بن شديد البشري