عزيزتي الجزيرة
في زمن مضى كان الراديو يستحوذ على آذان الناس الذين كانوا يلتفون حوله، وذلك قبل أن يصلهم البث التلفزيوني الذي استطاع أن يجمع كل أفراد الأسرة حوله، ولكن الإذاعة لا تزال حسب وجهة نظري سيدة كل الوسائل الإعلامية ولعل عشاق الراديو يدينون بالفضل لله أولا ثم لماركوني الذي نجح في استخدام الموجات الكهرومغناطيسية لنقل الصوت عبر الفضاء.
لقد تجاوز ارسال البث الإذاعي في المملكة نصف قرن أو يزيد وبدأ غريبا وعجيبا ولكنه تملك أفئدة الكثيرين من عشاق المعرفة والاطلاع ولعل والدي حفظه الله حاول أن يعقد صداقة ثقافية منذ أن استطاع أن يملك جهاز راديو عام 1372ه أحضره من مكة المكرمة فكان أنيسه وجليسه وما زال وخصوصا أنه كان يندر وجود الكتاب والصحف وكان سيدي الوالد يحرص على أن تصله أو يصل إليها فكان أن عرفت طريقها إلى طالب المعرفة آنذاك عندما علمت بشوق المعرفة والاطلاع الذي يملأ صدره فكانت تصله عن طريق الأستاذ صالح كتبي من أبها على شكل مطوية تضم آخر ساعة والمصور وروز اليوسف وكتابي والهلال وكل ما يستطيع الحصول عليه فإنه لا يوفره كوجبة دسمة من الثقافة وسط أجواء صافية نقية يميزها الهدوء تعطيه فرصة الإطلالة على العالم القريب والبعيد فيقبل عليها في نهم كلما زاد شبعه استزاد, ولعلني لا أنسى قصة أحد كبار الجماعة عندما حكي لي بأنه مرة دفع مرتبه الشهري - ليشتري جهاز راديو - كاملا فلم يتبق له ما يأكل به أو يدفعه لصاحب المنزل من أجرة ولهذا عندما أرى والدي حفظه الله يحرص على أجهزة الراديو ويبحث عن قديمها وجديدها وأميزها فلا ألومه خصوصا وأننا تشربنا هذا الإرث الجميل من الزاد الثقافي, جرني هذا الحديث إلى تذكر ما وصلت إليه الإذاعة السعودية وما تحمله من برامج دينية وثقافية وحوارية أصبحت تسرقنا إليها من برامج حاولت جذبنا إليها لجمالها تبثها إذاعات عربية ولو مارست دعاية ثقافية مدفوعة الثمن لذكرتها لكم أما الإذاعات السعودية فهي البرنامج الأول والثاني وأم الإذاعات إذاعة القرآن الكريم التي اتشحت بحلة قشيبة بهية توافقت وأهدافها الدينية السامية جعلتنا ننشدها سماعا في أحايين كثيرة، غير أنني أقف معكم أمام برنامجين يثريان الخبرة ويفتحان آفاق المعرفة لطلابها البرنامج الأول أهلاً بالمستمعين فهو برنامج أسبوعي يعده ويقدمه نخبة لامعة من شباب الإعلام السعودي يسمح لك بكشف أفكار الناس ووجهات نظرهم والتعرف على آرائهم وأنماط البشر المختلفة من خلال المواضيع الاجتماعية المطروحة كل أسبوع.
أما البرنامج الآخر هو مستشارك النفسي يقدمه د, طارق الحبيب ويساعده في الإعداد عبدالعزيز المنصور يستقبل من خلاله الدكتور مكالمات من الجنسين نتعرف من خلالها على ظروف البشر وما تولِّده الضغوط النفسية من اشكالات وتظهر لك أن الكثيرين يضخمون مشاكلهم وكل ما يحتاجونه هو تقوية الوازع الديني ورجاحة العقل وليتكم تسمعون الدكتور وهو يقدم لهم الحلول بشكل يدعو إلى الإعجاب يجمع فيها الرأي الديني بالنفسي وما أكثر المشاكل النفسية التي بإمكان البشر تجنب آثارها، إن البحث عن السعادة يبدأ من غرس كل القيم الصالحة داخل قلب كل منّا وعلى رأسها أن تقوي صلتك بربك عندها ستجد أنك أقوى من كل الظروف عندما تعلم أن الظروف تحيط بكل البشر فمثلاً لا تدعي انك اخفقت من أول مرة في تحقيق شيء وبدلاً من هذا استدعي الإرادة ومن كان ذا إرادة فلن يعرف المستحيل فعندما تخطىء البندقية التي في يدك هدفها، فلا تقل البندقية غير صالحة ولكن اعلم أنك لم تعرف كيف تستخدمها وحتى لا أطيل أقول الحياة جميلة فلا تشوهوا جمالها بادعاء البؤس وطرق الظروف على الرؤوس فالزمان لا يدوم له حال,.
فيوم لنا ويوم علينا ويوم نُساءُ ويوم نُسر |
محمد إبراهيم محمد فايع
خميس مشيط