في العقد الاخير من هذا القرن او قبله بقليل بدأت متغيرات سياسية واقتصادية كبيرة وكثيرة كان لها الاثر الفاعل على العالم بأسره، وكان سقوط الاتحاد السوفيتي وإسراع الدول الدائرة في فلكه تغيير جلدها وتقمص الشخصية السياسية الغربية اثره البالغ في تغيير موازين القوى، وتفرد الولايات المتحدة الامريكية بزعامة العالم سياسيا، وعسكريا، واقتصاديا, ويعزو البعض تهاوي الاتحاد السوفيتي الى تراكم اخطاء التطبيق لاسيما في المجال الاقتصادي، وكذلك فشل النظرية الماركسية في تحقيق الرفاهية المتوخاة، والمساواة بين طبقات المجتمع والبعض الآخر يعزو ذلك الىقدرة الغرب على خلخلة السياسة السوفيتية عبر الطرق السريعة والمتواصلة على مكامن الاوجاع ومواقع الجروح في جسد لا يملك القوة الكافية من المضادات القادرة على تجاوز تلك المؤثرات, كما يعزو البعض ذلك الى الخور وعدم الحنكة في القيادة السوفيتية التي كانت سائدة آنذاك وعلى رأسها جورباتشوف ومن بعده بوريس يالتسن الرئيس العجيب الغريب الذي تولى بنفسه وبدكتاتورية قصة مهام الاجهاز على كل شيء يمكن اعتباره جيدا في عصر من سبقه، ولجهله المطبق بالمعنى الحقيقي للديمقراطية والرأسمالية، ولتغليبه رغباته الذاتية كانت النتجية مزيجا من الفوضى السياسية والاقتصادية جعلت من روسيا دولة متغيرة متخلفة تستجدي الغرب سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وتقنيا.
وظهرت مجموعة العائلة التي تدير روسيا كيفما تشاء، وبما يحقق اهدافها الذاتية دون النظر الى مصالح المواطن المغلوب على امره.
وفي الجانب الآخر فإن الولايات المتحدة الامريكية وكما هي عادة الغرب لم تترك الفرصة تمر دون استثمار لا يخلو من الابتزاز احيانا, فالمؤسسات السياسية الفاعلة والمنظمة كانت قادرة على استقطاب معظم الدول التي تخلت عن المحور السوفياتي، كما انها سارعت في التأثير المباشر عبر وسائل الاعلام المتعددة على توجيه تلك الدول بما يتفق والمصالح الحيوية للولايات المتحدة الامريكية، والسيطرة التامة على مفاتيح السياسة العالمية، وواكب ذلك انطلاقة اقتصادية للشركات الامريكية متعددة الجنسيات اخذت تفرض هيمنتها على اوجه الاقتصاد العالمي، وفي ظل منظمة التجارة الدولية ستكون الولايات المتحدة وبما يتفق مع قوانين المنظمة قادرة على تسهيل عبور منتجاتها الى اسواق العالم دون قيود وطنية من قبل تلك الدول.
وواكب هذه الحقبة من الزمن تسارع مدهش في اساليب الاتصال المختلفة، فأخذت الاقمار الصناعية تملأ السماء، وتحول النمط التقليدي للاتصال التجاري والاجتماعي والاعلامي الى نمط جيد أيسر وأسهل استخداما فتعدد القنوات الفضائية جعل المادة الاعلامية بخيرها وشرها تنطلق من اي مكان الى اي مكان آخر على وجه البسيطة في ثوان معدودة، كما ان الحاسوب والأنترنت والهاتف النقال يسرت جميعها الكثيرمن سبل الاتصال المختلفة.
وفي ظل هذه المتغيرات، كان العالم العربي مشغولا بغزو العراق للكويت وآثاره السلبية على الاقتصاد، والسياسة والسلام المأمول, وفي ظل هذه المتغيرات الايجابية لبعض الدول ومحاولة انشاء تكتلات اقتصادية وسياسية، اخذت الدول العربية تتباعد عن بعضها سياسيا واقتصاديا من الناحية العملية رغم المحاولات التي لا تخلو من المجاملات واهم من ذلك كله ان تقوم الدول العربية بزيادة انتاجها الفعلي وتحسين نوعيته حتى يمكنها مسايرة العالم في رحلته الجديدة، ومن المؤمل ان تكون الاحصائيات والارقام دقيقة وتنبىء عن الواقع.
د , محمد البشر