مع انتشار ظاهرة الترف في المجتمعات الإسلامية والعربية في دول الخليج العربي بشكل خاص، يلاحظ حاجة الكثير من الناس إلى الأيدي العاملة المنزلية والفنية، وتصرف أموال طائلة على أمور الصيانة للأجهزة المنزلية البسيطة وغيرها، وتذهب تلك الأموال غالبا لغير بني جلدتنا ولمن لا يدين بديننا, ولا يخطر ببال أحد إلا القليل أن يتولى معرفة شيء من ذلك أو إصلاح ما يمكن إصلاحه من أمور الصيانة المنزلية بحجة أن مالك يخدمك، أو قول بعضهم لم أتعب نفسي وأكلفها شيئا من هذا القبيل، وعدم استعداد البعض أن يبذل بعض الجهد أو أن يعرق لعمل ذلك, وتزداد البدانة في الرجال بشكل خاص وتصرف الأموال والأوقات فيما لا طائل تحته، ولا نحاول أن نكسب خبرة أو نزداد علما ومعرفة في إصلاح تلك الحاجات اليومية التي توسعنا في إحداثها، وما المانع في أن نحاول ذلك أو أن نستفيد من خبرة صديق أو تجربة مجرب؟
إننا إذا وضعنا ذلك نصب أعيننا والتجربة خير برهان وجدنا أنه بإمكاننا عمل الكثير وإصلاح الكثير وبالتالي يمكننا الاستغناء عن الأيدي العاملة غير المدربة التي تتدرب في بلادنا وتجرب حظها في بيوتنا ومكاتبنا، ولوفرنا الكثير من أموالنا,, وفي سلفنا الصالح وما كانوا عليه خير أسوة وقدوة، ففي السنة المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين سُئلت: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته, قالت: إنه في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة ، رواه البخاري وغيره.
والمراد بقولها كان في مهنة أهله أي في خدمة أهله، وقد جاء في رواية أخرى مفسرة لذلك قالت: يخيط ثوبه ويخصف نعله ويحلب شاته ويرقع دلوه، ويخدم نفسه ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم, وفي رواية: كان ألين الناس وأكرم الناس وكان رجلا من رجالكم إلا أنه كان بساما عليه الصلاة والسلام.
وقد كان بإمكانه بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم أن يجد من يخدمه من البشر الذين يتقربون إلى الله تعالى بالتقاط عرقه ومخاطه ودمه بعد الحجامة ويتقاتلون في ذلك ويبذلون مهجهم في سبيل خدمته وراحته ولكنها أخلاق الأنبياء التواضع والبعد عن التنعم وامتهان النفس ليستن بهم غيرهم ولئلا يخلدوا إلى الرفاهية المذمومة، فاعتبروا يا أولي الأبصار.
* كوالالمبور ماليزيا
mustashar*makloob.com