لعل خيطا رفيعا لا يشبه شيئا تغلغل في فضاء ما، ثم لُف هذا الخيط المتغلغل ودار حول نفسه حتى تكثف وصار كغبار مثار بلون أبيض فاقع استحال هذا الخيط إلى شيء معتم حال دون دخول الضوء لم يتشكل بعد اصبح اكثر قتامة (وإن لم تكن بعد عرفت ماهية القتامة)، لزمن لا اعرف مدته بالضبط ظل يطوف حول البؤرة من المكان المفترض (إذ لا مكان في الهواء) وبحلزونية معينة وبعد كونه مثارا تكثف وكأن شيئا يريد الخروج منه عند رؤيته كذلك,, (أن تشعر بوجود شخص ما خلف الجدار يظل دليلك الوحيد هاجسك اليتيم).
بخار او شبه ما يكون به في طريقه للتجميد ثم تظهر عليه علامات الرشح لتفاعلاته الغريبة ما تلبث ان تفجرت محدثة دويا هائلا ليخرج منه هذا العالم الغريب.
كان كل شيء على ما يرام، المصابيح التي لم تعرف بعد ما تزال معلقة في اذهان مخترعيها بشكل مطفأ, والسكك السوداء لاتزال تحت الارض كسائل، والنباتات والاشياء في رحم ذواتها,, والماء يقطر يقطر من سماء بدائية تحاول التجمع واليقظة، اول ما مددت الشمس اذرعها ممسكة بتلابيب الجبال الشرقية, ما ان اخرجت رأسها حتى اطفأت وهجها البكر في البحر, والآن هذه الارض التي كانت سائلا وجمد.
والمصابيح تزحف الى الشوارع معلقة نفسها بالاتجاه المقلوب والريح لم تجد ما تلعب به كأن شيئا غير منضبط يسير باتجاهات غير محدودة.
كان هذا أول ما فكر به عندما نفث النفس الاول من سيجارته التي امتصت شفته عنوة، وضع قدمه اليسرى على اليمنى للمرة الثالثة بعد ان بدلها كثيراً,, وضع تلك السيجارة وهي لا تزال في منتصفها على الطاولة وضعا عموديا، نظر إلى دخانها الصاعد المتلاشي وأثناء محاولته القيام وضع يده على تلك السيجارة ضاغطا بيده اليمنى على جمرتها ساحقا لألمها وبيده الاخرى أمسك عمود الكرسي ثم واقفا مبتسما نظر في بقايا الرماد في يده بعد ان برد وقريبا من فمه نفخ بتنهيدة احالت الهواء إلى مخلوقات طائرة.
أحمد إبراهيم القاضي
ضمد
** في هذه القصة يقدم لنا صديق الصفحة أحمد القاضي نصا مبتكرا,, وفكرة تتمازج فيها الرؤية العميقة,, باللفتة الساخرة التي لا تعني شيئا!
القصة,, بها كلمات تتلاعب بالمعنى,, فتخدعك لاول مرة,,
ثم تكتشف الحقيقة في نهايتها,, رغم انك في الحقيقة لم تكتشف شيئا!
العنوان,, لافت للنظر,, مثير منذ القراءة الاولى,, والاجمل من ذلك كله ان نكتشف موهبة قصصية متميزة,.
نتمنى ان نرى مثل هذه الاعمال في القريب العاجل من صديقنا أحمد القاضي.