أعود مرة أخرى إلى مشكلة القضايا الوهمية,, أو المفتعلة,, وستظل هذه المشكلة هاجسا,, يُلح على قسمات التأمل كلما تكررت صور الغباء الثقافي وشعرت بأن هناك خلطا ما بين الوصول إلى الوحدات الحقيقية لقضية ما والاتكاء على بهرج المسائل العرضية الزائفة.
ولعلي هنا لست في حاجة بلهاء إلى ايراد الامثلة والنماذج من اجل تأكيد ما أعنيه او تقريره,, غير ان حاجة من نوع آخر تدفع الى ان افصح عن نقطة الالتحام بين الوهمية والصراع بين القديم والجديد بشكل خاص,.
فإذا افترضنا ان هناك صراعاً حقيقياً بين القديم والجديد في دائرة التعبير والرسم بالداخل ثم جئنا إلى تفتيت وحدات هذا الشكل وإلى تحليل فقراته فوجئنا بأنه ليس هناك وحدات وليس هناك فقرات وليس هناك اي مرتكز إبداعي ووجدنا بدلا من ذلك وهما عريضا لا يعبر عن اي شيء بقدر ما يعبر عن تصورات مفرغة,, ولا يعطي شيئا بقدر ما يعطي شعوراً بسوء المنقلب في الرأي والفكرة والاداء.
التأمل يقول: انه ليس هناك في هذه المسألة بذاتها صراع وقوى بعضها يقف باتجاه الطعنة ضد بعض وليس هناك موضع قدم محسوس,, كل ما هنالك حركة زمنية معنوية تتصل اتصالا حيويا بايقاع الكون والحياة,, هذه الحركة تأخذ في التنامي العفوي فيحدث ان يقف مجموعة من السذج والمتكئين على الجمود والمقيمين على الركون ضد هذه اللغة فيعلو الاعتراض.
وتضج رغبة موبوءة في التعفن وخوف سمج من الايقاعات الحية ولما كانت النسبة الطاغية من البشر في كل زمان ومكان هي من العاديين والمسطحين والمخدوعين بقليل المكتسب الثقافي فإن الاستجابة لدوافع الاتكاء والركون واعلاء الاصوات وتصعيد الوهم تأخذ بعداً يدعو إلى الحسرة والندم.
وليس معنى هذا ان نكتفى الآن بالحسرة والندم والشكوى من الشد والقعود والتنصل من المهمة الحقيقية,, أبداً,, انما يعني ان نبذل مزيدا من جمال التناول ورواء الاداء ومزيدا من التنوير فقد أمرنا بأن نحب لاحبابنا ما نحبه لأنفسنا,, وذلك هو طعم هذا الايقاع ورائحته.
إبراهيم محمد الجبر
ثرمداء
** إذا كنا نشيد دائما بتمكن صديق الصفحة إبراهيم الجبر في كتابة المقالة الادبية فإن ذلك يأتي من التميز في تناول الموضوعات الثقافية بشكل جديد,.
والقضية التي يطرحها في مقالته ليست بالشيء الجديد,, بل حدثت حولها معارك عدة منذ اكثر من خمسين عاما ولا يزال الباب مفتوحا للنقاش,.
ولكن الصديق إبراهيم في نهاية مقالته يدعونا إلى بذل المزيد من التنوير في إطار حضارتنا وقيمنا الاساسية,, فهل تجد هذه الدعوة آذاناً صاغية أم تكون بعد خمسين عاماً أخرى؟!