لا يخفى على الجميع مدى فائدة الثقافة وسعة الاطلاع للناس عموماً وليس للشعراء فقط ولعل البعض من شباب الساحة الشعبية اختلطت عليهم الأمور كغيرهم من الاشخاص الذين لايدركون ماهية الثقافة ويظنون انها الأخذ بظاهر الاشياء وترك جوهرها ومعرفة أشياء لا علاقة لها بالثقافة.
الشعراء القدامى عندما نقرأ قصائدهم نرى من خلالها مدى الثقافة التي يتمتع بها الكثير منهم مثل عبدالله بن دويرج وعبدالله الفرج وابن لعبون والقاضي وغيرهم رغم انهم عاشوا في زمن كان كسب العيش من أكبر مشاغلهم وكانت مصادر التعليم لديهم قليلة أو معدومة ولكن هذا لم يقف عائقاً امامهم لكسب مانراه في قصائدهم من ثقافة ومعرفة ونجدهم استخدموا اكثر فنون الشعر وبحوره وبرعوا بكل ما يتعلق بالشعر الشعبي بل انهم أضافوا إضافات ينسب لهم فضل اضافتها للشعر.
وإن كان المحك الحقيقي للشاعر هو مجالسة كبار الشعراء وأرباب الفكر والمعرفة والاستفادة من نقدهم وملاحظاتهم فإن قصائد الشعراء القدامى لم تنتقل إلينا إلا من خلال الرواة الذين حفظوها من مجالس الشعر ومنتديات الفكر.
اما شعراء اليوم واقصد بهم الكثير من شعراء مايسمى الصحافة الشعبية فقصائدهم حاضرة في الورق غائبة عن مجالس الشعر لايتجرأون على إلقاء قصائدهم إلا عند الذين لايفقهون في الشعر شيئا او الذين يوافقونهم في نفس التوجه لكيلا يستنكر بعضهم بعضا.
نرى قصائدهم المنشورة معظمها في غرض واحد وهو الغزل وعلى بحر واحد وهو المسحوب وكأنهم لو خرجوا عن هذا الطريق لضاعوا في عالم لايعرفون عنه شيئا، ولعل هذا مصير من تعلم الشعر تعلما ولم يقله عن موهبة من الله عز وجل.
وعندما تقرأ لقاء مع أحدهم - وما اكثر اللقاءات معهم - تراهم يريدون ان يوهموا الناس بانهم على قدرٍ من الثقافة والمعرفة فيتفاخرون بسماعهم للفنانة فيروز وغيرها من الفنانات ويستعملون الفاظا دخيلة على لغتنا وعلى مجتمعنا ويهتمون بصورهم اهتماما لا يقاس باهتمامهم الضعيف في قصائدهم، وخصوصا صور بعضهم في مصائف الدول الاجنبية يظنون هذه الاشياء ثقافة ومفخرة لهم وإثراءً لقصائدهم ولكنهم واهمون بذلك.
همهم الوحيد طريقة نشر وشكل وخلفية القصيدة بل ان بعضهم مع الأسف اصبح ينافس الفتيات على استخدام ادوات التجميل وهذا شيء يلاحظه اي انسان عندما يتصفح المجلات الشعبية.
ولعل انسب وصف لهم هو ما بينته بقصيدة منها هذه الابيات:
شباب في الغلاف مبهذلين الروج والمكياج ترى واحدهم اكبر همه اب روجه ومكياجه يحسبون التفنن بالصور والنشر والإخراج يبث الروح فالمعنى القتيل ويلبسه تاجه جذبهم مذهب الغرب وحداثة مالها منهاج يبون يلبسون الشعر من لبس الغريب وفايض انتاجه |
لمثل هؤلاء أقول:
ان الجمال المطلوب والأهم هو جمال الروح والجوهر وليس جمال الشكل والمظهر وجمال الشعر في روحه ومعناه وليس في صورة من قاله ولم يحسن بناه.
نظرية:
ترى الشعر الحقيقي ظلم حبسه داخل الأدراج
وترى الشعر الهليم أخير له ينطق بأدراجه
محمد سعود البيضاني
عطي