* جاكرتا الألمانية
هيمنت الاضطرابات وأعمال العنف التي سادت خلال الاسابيع الماضية اقليمين مهمين في اندونيسيا هما جزر الملوك واقليم اوتشيه هيمنت على اهتمامات الاوساط السياسية في جاكرتا ولاسيما القيادة السياسية حيث توجه خلال اليومين الماضيين الرئيس الاندونيسي عبدالرحمن عبدالواحد الى اقليم اوتشيه الذي يطالب سكانه بالاستقلال اسوة باقليم تيمور الشرقية، وسعى الرئيس خلال هذه الزيارة الى اقناع قادة الاقليم بالعدول عن مطالبهم ومنحهم حكما ذاتيا للاقليم,.
في المقابل توجهت نائبة الرئيس ميجاواتي سوكارنو بوتري مع ثمانية من كبار اعضاء حكومتها الى جزر الملوك التي تشهد عنفا طائفيا بين المسلمين والمسيحيين لم تشهده هذه الجزر من قبل راح ضحيته المئات من الابرياء وقضى على مقدرات وممتلكات المواطنين.
وجاءت زيارة عبدالرحمن عبدالواحد الى اقليم اوتشيه بعد ان طال العنف جنود البحرية الاندونيسية حيث قتل اربعة من الجنود في كمين نصب لهم اثناء ادائهم الصلاة في احد المساجد.
ويرى المراقبون ان هناك ايديا خفية تحرك اعمال العنف في العديد من الجزر الاندونيسية في محاولة لتفكيك هذه الدولة المسلمة التي تعد خامس دولة في العالم من حيث تعداد السكان.
ويشكو قادة اقليم اوتشيه من انهم لا يحصلون إلا على جزء يسير من ايرادات الاقليم والتي تبلغ ملياري دولار.
وقد تزايدت الدعوات الى الاستقلال على نحو كبير خلال الشهر الماضي عندما سار حوالي 500 الف شخص الى عاصمة الاقليم باندا اتشيه يطالبون بإجراء استفتاء حول مستقبل الاقليم.
وقد وعد الرئيس عبدالواحد عقب توليه السلطة بإجراء استفتاء في الاقليم، غير انه اضطر الى التراجع بعد ان رفضت القوات المسلحة ذات النفوذ الواسع الانفصال على انه امر غير وارد.
ويرجع رفض الاستقلال الى انه مع انفصال اتشيه، الذي يوفر 13% من الايرادات العامة، سوف تبدأ خامس اكبر دولة في العالم من حيث السكان في انحدار دموي نحو التفكك بطريقة لا يمكن وقفها.
ويقول عبدالرحمن عبدالواحد الآن انه سوف يعرض على اتشيه استفتاء حول تطبيق الشريعة الإسلامية في الاقليم، وقال انه مقتنع ان الاقليم لا يريد الاستقلال.
وقال اثناء لقاء في التلفزيون المحلي ان ما نريده هو حكم ذاتي خاص للاقليم .
وكانت حكومة جاكرتا قد قدمت بعض بوادر الترضية نحو الاقليم خلال الاسابيع الاخيرة، ومن المقرر ان تقدم مجموعة من 18 جنديا ومدنيا الى المحاكمة في الاقليم في وقت لاحق من الشهر الحالي لاتهامات ترتبط بمذبحة تعرض لها 51 من المدنيين الاتشيين في العام الماضي.
علاوة على ذلك، فإن مشروع الميزانية الجديدة التي يقدمها الرئيس لعام 2000 تعطي الاقليم حصة اكبر من العائدات المتحصلة من موارده الطبيعية.
وكان الرئيس قد تعهد شخصيا بعد توليه السلطة بحل مشكلة الاقليم.
وقد ادت سياسة عبدالواحد الى خفض التوتر في الاقليم ولكنها لم توقف المناوشات شبه اليومية بين القوات المسلحة النظامية والجماعات المسلحة.
وقالت الشرطة ان المسلحين هاجموا 10 من جنود البحرية بينما كانوا يتوجهون لاداء الصلاة في المساء يوم الاثنين الماضي مع السكان المحليين في قرية اوجونج بلانج، مما ادى الى مصرع اربعة منهم واصابة الستة الآخرين، وفقا لما اوردته وكالة انباء انتارا.
ونقلت الوكالة عن ليفتنانت كولونيل سيد حسيني قوله ان انفجارا وقع قرب المسجد وتبعه اطلاق نيران، وقال انه وقعت معركتان اخريتان تمخضتا عن حدوث اصابات طفيفة لافراد الامن.
نائب الرئيس في جزر الملوك
وفي جزر الملوك كانت ميجاواتي مع ثمانية من اعضاء حكومتها في مهمة لا تقل شأنا عن مهمة الرئيس الاندونيسي في اقليم اوتشيه فقد ناشدت زعماء المسلمين والمسيحيين في جزر الملوك المضطربة بوضع نهاية لأعمال العنف الطائفية الناشبة بينهم والبدء في عملية مصالحة بينهم.
واعلنت ميجاواتي في خطاب لها أمام المسيحيين ان بطانتي الكبيرة في هذه الزيارة انما تظهر مدى اهتمام الحكومة بالاوضاع في جزر الملوك ومسؤوليتها عما حدث فيها .
وقالت ان النزاعات تسبب على الدوام الضرر للجميع علاوة على انها غير مرغوبة من جانب اي من الديانات , واكدت مجددا على الخط المثير للجدل الذي تنتهجه الحكومة والذي يطالب سكان جزر الملوك في النهاية بضرورة تسوية خلافاتهم بأنفسهم.
وقامت ميجاواتي خلال جولتها بزيارة جزيرة تيرنيت عاصمة الجزر الشمالية وبؤرة اعمال العنف التي نشبت مؤخرا، وحثت القادة المحليين على التعاون فيما بينهم لاحتواء مثل هذه الاعمال.
كما زارت ميجاواتي اقليم هالماهيرا بالجزر الشمالية وتحدثت مع القادة الدينيين هناك حول انهاء اعمال العنف.
وكانت الحكومة الاندونيسية قد تعرضت لضغوط متزايدة لوقف العنف الطائفي الذي انتشر الى ثلاث مناطق متفرقة في الارخبيل الكبير خلال الاسابيع الماضية.
وتخضع ميجاواتي التي يرافقها في هذه الجولة سبعة وزراء ورئيس اركان القوات المسلحة الادميرال مريدورو اديسوكيبتو لضغوط من منتقديها، من اجل انهاء العنف واثبات قدرتها كزعيمة.
وكان العنف الطائفي في جزر الملوك، التي كانت تعرف سابقا في ظل الحكم الاستعماري باسم جزر البهار، والتي تضم حاليا اقليمي الملوك والملوك الشمالية، وقد انتشر الى سولاويزي والى جزيرة لومبوك السياحية مما زاد من المخاوف بأن يلف العنف كامل الجزر الاندونيسية.
ويذكر ان حوالي تسعين بالمائة من سكان اندونيسيا من المسلمين، الا ان نصف سكان جزر الملوك تقريبا، من المسيحيين.
وكانت ميجاواتي قد قامت بزيارة لم تستغرق سوى نصف يوم للمنطقة الشهر الماضي برفقة الرئيس الاندونيسي عبدالرحمن عبدالواحد.
وبعد ذلك بقليل اندلعت اعمال العنف في الخامس والعشرين من كانون الاول/ديسمبر ولقي ما يزيد على ثمانمائة شخص مصرعهم نتيجة لذلك في الاسابيع التالية، في حين تعرضت المساجد والكنائس والمنازل والمحال والمباني للنهب او الحرق.
وقد اتهم الرئيس ضباطا في الجيش محالين على التقاعد ومتطرفين دينيين بإثارة اعمال العنف، ووصف بعض المحللين هؤلاء بأنهم ممن يرغبون في زعزعة الحكومة الجديدة وحماية مصالحهم السياسية والاقتصادية في الاقليم واعاقة التحقيقات الجارية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها الجيش في تيمور الشرقية العام الماضي.
وتعتبر أعمال العنف الاخيرة التي جاءت بعد عدة أيام من الهدوء، بمثابة استمرار فيما يبدو للصراع الطائفي الناشب منذ فترة طويلة، الا ان المسؤولين رفضوا التكهنات التي تربط هذه الاشتباكات بزيارة ميجاواتي,وقال تاماويلا لصحيفة جاكرتا بوست انني لا ارغب في التكهن او الاخذ بالاقتراحات الافتراضية .
وذكر ان الشيء المؤكد هو اننا سنتدارس الوضع بدقة وعمق متناه .
واضاف قائلا: ان بقية مناطق اقليم مالوكو هادئة باستثناء حادثة في امبون,