الانسحاب حتى حدود 1923 وثيقة استعمارية لإسرائيل ممدوح حسن |
توقفت المفاوضات السورية الاسرائيلية بعدما ثبت للمفاوض السوري ان اسرائيل لا تريد سلاماً عادلاً في الشرق الاوسط، وأنها لا تريد إلا سلاماً منقوصاً ومختلاً فانها تريد سلاما مع احتفاظها باجزاء من الاراضي المحتلة ومصادر المياه العربية والسلاح النووي، والاغرب من ذلك انها تريد تطبيع علاقات مع العرب وتعهدا من العرب بالحفاظ على أمن اسرائيل.
كيف يحدث هذا السلام؟ ولماذا تصر اسرائيل على الانسحاب فقط الى حدود 1923 وليس حدود 4 حزيران 1967؟
الحقيقة المعروفة لدى كافة العرب ان اسرائيل لا تريد سلاماً عادلاً لأنها مراوغة في المفاوضات وتتنصل من التزاماتها وتنقض العهود, واذا كان ما حدث في جولتي التفاوض في شيبرزتاون وبيرهاوس بامريكا لا يخرج عن كونه بالونة هوائية اطلقتها اسرائيل لتؤكد للعالم انها دولة تريد السلام مع العرب وانها لا تقف حائلاً امام السلام ولكن البرتوكولات والاحتفالات بالمفاوضات شيء والتفاوض والجلوس على طاولة المفاوضات وفتح الملفات شيء آخر.
فقد وضعت اسرائيل العراقيل والمتاريس عند اهم واقوى اساس لاقامة السلام مع سوريا وهو حدود خط 4 حزيران 1967 والذي وافقت عليه سوريا كشرط للدخول في حلبة المفاوضات.
وبتمسك اسرائيل بحدود 1923 فانها تحاول ان تستعيد اساليبها الاستعمارية وتظهر انيابها المسعورة لتؤكد اغتصابها واستعمارها للاراضي الفلسطينية المنزوعة السلاح وتتمسك بالانسحاب من الاراضي الفلسطينية والسورية حتى حدود عام 1923، وهذه الحدود تختلف تماماً عن حدود 4حزيران 1967 وذلك لأن حدود 1923 تعطي اسرائيل الحق في استعمار الاراضي الفلسطينية المنزوعة السلاح وهذا الخط الذي تم الاتفاق عليه بين سلطتي الانتداب الفرنسي في سوريا والانتداب البريطاني في فلسطين فرضته الاطماع الاسرائيلية على حكومة الانتداب البريطاني لضم الاردن ومصب نهر اليرموك وبحيرة طبريا وبحيرة الحولة الى فلسطين فجاء الخط كما تريد اسرائيل متعرجاً وحتى تقع مجاري المياه الى غرب الخط اي في فلسطين وقد تسلمته اسرائيل من مندوب بريطانيا هربرت صمويل وقد احدث هذا الخط كثيراً من المشاكل بسبب تمزيق اراضي اكثر من 22 قرية وانفصل الاهالي عن ذويهم وعن اراضيهم ومياههم, ولكن جاءت اتفاقية حسن الجوار عام 1926م لتعدل هذا الوضع الذي يخدم اسرائيل وتؤكد ان سوريا دولة مشاطئة على نهر الاردن ولها حرية الوصول الى المياه للري والملاحة وصيد الاسماك والوصول الى سمخ جنوب بحيرة طبرية واقامة رصيف خاص بها في سمخ وللمواطنين حق عبور الخط دون قيد او جمارك, واستمراراً للسياسة الاستعمارية الاسرائيلية اعلن وزير خارجية اسرائيل موشي شاريت بسط سيادة اسرائيل على المناطق المنزوعة السلاح على اساس انها جزء لا يتجزأ من المناطق الخاضعة للانتداب البريطاني وهذه المنطقة منزوعة السلاح كبيرة وهي اراض فلسطينية وقد سارعت بريطانيا في ذلك الوقت بالرد ورفض التصريح واكد وزير خارجية بريطانيا ان هذه الاراضي ليست حقاً لاسرائيل فلم تحتلها اسرائيل يوماً ما، وان سوريا قد استولت عليها وتم انسحابها منها بناء على تعهدات اخرى.
كما اكد مجلس الامن بقراره في 18 مايو 1951م بأن اتفاقية الهدنة لا تمنح اسرائيل السيادة على هذه المنطقة وطالب القرار بعودة اللاجئين المطرودين الى ديارهم وشجب مشاريع تحويل النهر وتجفيف الجولة.
ولكن اسرائيل غارت واستولت على الارض المنزوعة السلاح وفرضت سيطرتها على المنطقة مخالفة لشروط الهدنة وهي تريد الانسحاب حتى خط 1923 لتوثق سياستها الاستعمارية وتؤكد سيطرتها على المنطقة المنزوعة ومصادر المياه العربية وتستبعد سوريا من شاطىء المياه ولذلك اعلنت سوريا رفضها استئناف المفاوضات من دون تعهد كتابي بترسيم خط 4 حزيران 1967 الذي يضمن عودة كامل الارض المحتلة التي احتلتها اسرائيل ومصادر المياه التي حرمت منها سوريا وفلسطين والاردن منذ حرب 1967, وهذا ما يجب الوقوف عنده دون تنازل او مساومة في الحق العربي المغتصب.
|
|
|