Thursday 27th January, 2000 G No. 9982جريدة الجزيرة الخميس 20 ,شوال 1420 العدد 9982



ضحى الغد
الحصان الشيشاني لا يشرب الماء جبراً!
عبدالكريم بن صالح الطويان

لدى الأفراد نزعة الى الاستقلال، ولديهم نزعة الى التجمع! والأمم كذلك لديها نزعة الى الاستقلال ولديها نزعة الى الاتحاد! وقد يملك المركز القدرة على الجذب وقد يفقدها فيتحول الى مركز طرد!
والقائد أشبه ما يكون بالمركز إما أن يؤلف الناس ويجمعهم وإما أن ينفضوا من حوله!
والعقيدة والفكر والقوة والمصالح والظروف كلها عوامل تخدم نشأة الاتحاد أو تحول دونه أو تفككه حال قيامه، والتاريخ هو الشاهد الكبير على حركة الأمم في اتحادها وفي تفرقها، وفي تجمعها وفي استقلالها، والإنسان جزء من الأمة لا يمكن أن تجبره على مرافقتك ما دام يرى أن مصلحته تقتضي ان يسير وحده، ولو أجبرته ان يسير معك لما سُمي رفيقك بل (أسيرك)! وإذا قرأت تاريخ الامبراطوريات على شتى أعراقها وعقائدها وجدت ان المركز فيها اذا فقد مغريات الجذب تفككت أوصاله واحدا بعد الآخر، وكلما قاوم هذا التفكك ضعف فيه عامل الجذب أكثر، فعبثا يحاول الحفاظ على ما جمع من قبل!
و(الشيشان) اليوم تقاوم من أجل استقلالها والحفاظ على هويتها، لكن (المركز) يأبى ذلك ويقاومه على اعلى مستويات المقاومة عبر قعقعة السلاح، وتدمير أطلال المباني التي سبق ان دمرها قبل خمس سنوات تقريبا لنفس السبب!
ولن يحصد (الروس) سوى الهشيم، ولن يقبضوا سوى (الريح) ولن يلوذوا بشعف جبال الشيشان، لأن في مغاراتها قوم لا يريدون أن يدوروا في مدار لم يعد في فلكه جاذبية تغري بالبقاء!
ولربما استطعت ان تقود (الحصان الشيشاني) الى النهر، لكنك أبدا لن تجبره على شرب الماء!! هذه حقيقة عرفها الإنسان وعرفها التاريخ وعرفها ساسة الخيول وعرفها السياسيون الذين أداروا مصالح الأمم والشعوب!
وإن هدم المدن على أهلها، وتهجير الشعوب وإعلان الحرب الضروس عليهم لإجبارهم بالقوة على الانصياع لوحدة القوي الجبار في الارض لن يحقق الغاية لتماسك الاتحاد الفيدرالي المطلوب بقاؤه على الحياة!
لقد أخطأ الروس في تحريك ارتالهم العسكرية لوطء الأرض الشيشانية لكسر إرادتها في الاستقلال وسيخطئون أكثر إذا تمادوا ممعنين في حملتهم الظالمة! على (الروس) ان يعودوا الى حكمة التاريخ وسيكتشفون ان صوت العقل اجدى من صوت القنابل!


رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.