نوافذ الأسئلة أميمة الخميس |
ابتدأت التجارب العلمية الجادة في مجال صناعة الطيران في أواسط القرن التاسع عشر تقريباً، عبارة عن تجارب شتى ومتفرقة، كونت كماً من التجارب والمعارف التي مكنت في النهاية الانسان من تحقيق حلمه الأزلي في التحليق.
ويقول أحد العلماء الألمان الذي اسهم اسهاماً واسعاً في هذا المجال عام 1891م: يجب أن نغير طريقة سؤالنا تجاه موضوع الطيران فبدلا من لماذا تطير الطيور؟ إلى كيف تطير الطيور؟ وكان هذا الانقلاب الطفيف في فحوى السؤال هو العصا السحرية التي مكنت الإخوة (رايت) من صناعة أولى الطائرات المحلقة في 17 ديسمبر 1903.
ولا أعتقد بأن لدى انسان تلك الفترة ذلك الخيال القوي الباذخ الذي يجعله يتخيل بأن هذا الشيء الهش والمتأرجح، سيتحول الى مارد جبار سيحتل أقطاب السماء في نهايات القرن.
وقبل ان نمنح مخيلتنا مساحة تنتقي فيها المخترع الذي سيقودنا في رحلتنا الأولى الى القمر.
لنا ان نتأمل في الأسلوب العلمي التجريبي القابل لجميع الاحتمالات، والذي يطلق العقل إلى مساحات وآفاق لا حدود لها حتى يوصله إلى تخوم الابداع فليس المهم أن نسأل ونطلق ركاما كبيرا من الاسئلة التي تسعى إلى ترسيخ ما هو سائد ومتداول، والاكتفاء بالفرضيات الآمنة التي لا تسهم في خلخلة ما هو بليد ومكرور, ولكن الابداع والاكتشاف يتم عن طريق اختيار الاسئلة الجوهرية والتي تشبه الفوانيس السحرية التي تضاء في العقل الكوني لهذه الانسانية.
فلولا ان هذا العالم (الألماني) استطاع ان يستقطب السؤال الملائم هنا، وهو بالتالي الذي قاد التجارب في مجال صناعة الطيران باتجاه مختلف تماما، هذا الاتجاه الذي خلصها من مأزق الدروب المغلقة الذي كان من الممكن ان تقع فيه تلك التجارب، نتيجة لفرضيات خاطئة لم تتعامل مع الواقع الموضوعي بتلك العين الحرة الخلاقة والتواقة دائما إلى الاكتشاف.
الحضارة ليست كومة من الارقام والخردوات والمحركات الكهربية، بقدر ما هي منظومة متكاملة متجانسة ومتعاضدة تشتبك مع العالم من حولها من خلال اسئلة خلاقة جسورة,, وحرة.
|
|
|