في البداية ينبغي التوضيح ان العنوان ليس خبرا يهدف الى سبق صحفي كما انه ليس عنوانا هدفه التشويق او الاثارة وإنما هو واقع تنظيمي لمسيرة الاحتراف العالمية سيتم بلوغه ان شاء الله إن اردنا ان نسير في النفق الطويل للاحتراف الصحيح المبني على اصول وأسس قوية.
وقبل الحديث عن هذا الواقع المفترض يجب التشديد هنا ان هناك ثلاثة عناصر مهمة يجب توافرها وبلوغها إذا اردنا ان تتم عملية الانتقال من الهواية الى الاحتراف الرياضي الحقيقي سريعا, فأول تلك العناصر هو ضرورة ترتيب الجهة المنظمة للاحتراف وتوسيع لجانها وتكثيف وتركيز جهودها, والعنصر الثاني يتمحور حول ضرورة توفر وعي وارضية ثقافية عن عملية الاحتراف واهدافها لدى اللاعبين والاداريين والجمهور الرياضي, اما العنصر الثالث فهو البعد والاطار المطلوب للادارة المالية السليمة للاندية الرياضية وضرورة ايجاد موارد مالية مستقرة لمواجهة تكاليف العملية الاحترافية الباهظة, وبالعودة الى عنوان موضوعنا هذا سنتحدث عن العنصر الاول والاساسي من عناصر ومكونات الاحتراف الرياضي القوي.
فمن المعروف ان لجنة الاحتراف بالاتحاد السعودي لكرة القدم هي الجهة المسؤولة عن ادارة ومتابعة وتطوير الاحتراف بالمملكة وتكونت اللجنة منذ نهاية الثمانينات وبداية التسعينات الميلادية اي قبل اكثر من عشر سنوات كلجنة كلفت بدراسة امكانية ادخال نظام الاحتراف للمملكة وقامت بتلك العملية واستمرت بعملها حتى الآن، وللحقيقة والتاريخ فلقد قامت تلك اللجنة بواجبها على اتم وجهة من ادخال للنظام ووضع لائحة خاصة بل إنها استمرت لمدة ثماني سنوات مضت في ادارة شؤون الاحتراف وتحملت خلال تلك السنوات عمل ثماني لجان فهي التي وضعت اللائحة وهي التي تراجع اللائحة وهي التي تخاطب الاندية وتتعامل مع المحترفين وهي التي تقوم بتسجيل اللاعبين وبمراجعة العقود الموقعة وتطبيق اللائحة كما انها تقوم باستقبال شكاوي الاندية واللاعبين والتحقق فيما يتم من مخالفات وتقوم باصدار القرارات الخاصة بالاحتراف وشئونه بل أبعد من ذلك فهي تعمل كلجنة استئناف عندما يلزم الامر ذلك، جزى الله افراد لجنة الاحتراف كل خير بما قاموا به ومازالوا من اعمال جبارة يقوم بها عدة لجان في البلدان الاخرى المتقدمة في هذا المجال, وربما ان الاستفادة من الدول المتقدمة في مجال الاحتراف الرياضي خصوصا ما تم لديهم من تطور في ادارة شؤون الاحتراف الرياضي سيخفف العبء والضغوط على تلك اللجنة الخيرة فما تم خلال السنوات الاخيرة من تطور في هيكلة الجهات المسؤولة عن الاحتراف في البلدان المتقدمة هو الواقع الذي ذكرناه في بداية هذا الموضوع.
وفي الحقيقة فلقد شهدت آلية ادارة الاحتراف العالمية خلال الثماني السنوات الاخيرة تطورا لم تشهده خلال المائة سنة الاخيرة من عمر الاحتراف الرياضي الحديث فلقد حدثت نقلة نوعية في مجال التنظيم والادارة لشؤون الاحتراف في الدول الرائدة في هذا المجال وكذلك في الدول المنظمة حديثا لهذا الركب.
ففي انجلترا وعلى الرغم من خبرتهم الطويلة في مجال ادارة الاحتراف الا انه لم تحصل الخطوة الكبرى والمهمة في تاريخ الاحتراف الرياضي في كرة القدم لديهم الا في عام 1992م عندما تم تكوين رابطة محترفي الدوري الممتاز او )Premier Ieague( والمتكونة من عشرين ناديا.
وحدثت تطورات كذلك في غالبية الدول الاوروبية المتقدمة في هذا المجال كفرنسا واسبانيا وهولندا والمانيا وغيرها.
وفي الولايات المتحدة تم في عام 1996م استحداث رابطة المحترفين لكرة القدم )Major League soccer( التي تأسست من العدم نظرا لحداثة اللعبة بأمريكا وتكونت من عشرة فرق رياضية مدعومة من قبل الشركات التجارية الرئيسية وفي اليابان تم استحداث اول رابطة للمحترفين لكرة القدم في 15 مايو 1993م من العدم كذلك ولكن بمساعدة اكبر الشركات اليابانية للاعلان )Dentsu( ومن اجل ان يفهم ويتقبل الشعب الياباني فكرة الاحتراف بكرة القدم واهميته صاحب انشاء الرابطة حملة اعلامية كبرى تزعمتها مجلة سترايكر.
وفي دول اوروبا الشرقية تم ادخال نظام الاحتراف بطريقة سلسة بعد سقوط النظام الشيوعي فعلى سبيل المثال تم تكوين لجنة للاحتراف في رومانيا في موسم 92 93 وعملت على تنظيم عمليات الاحتراف وتطويرها حتى تم تكوين رابطة للاندية المحترفة في عام 97م.
فاذا كانت حداثة التجربة في تلك الدول وغيرها هو ما يميز حركة الاحتراف الرياضي العالمية الا ان مايميزها بشكل اكثر هو تطور العملية الادارية لشؤون الاحتراف بتلك الدول التي تظل عبارة عن تبادل مشاع بين الدول الحديثة والرائدة في هذا المجال, ولكي نكون اكثر تحديدا وتركيزا للاستفادة من هذه التطورات الحديثة يجب علينا استعراض هياكل وتكوينات الهيئات الدولية الحديثة وهو الواقع العالمي الذي نتحدث عنه: فما هو هذا الواقع؟
إن الهيكل التنظيمي لادارة الاحتراف في غالبية الدول الرائدة (على سبيل المثال ايطاليا وهولندا والمانيا واسبانيا وغيرها) والدول الحديثة في هذا المجال (كالولايات المتحدة الامريكية وكندا واليابان ورومانيا وبلغاريا وبولندا وغيرها) ترتبط به رابطة المحترفين (او لجنة الاحتراف) بالاتحاد المحلي للعبة ويترأس تلك اللجنة نائب رئيس الاتحاد المحلي وتتكون الرابطة من 6 الى 8 لجان ولكل لجنة مهام ومسئوليات خاصة ومن ابرز اللجان الضرورية في هذه التركيبة لجنة التسجيل واصدار التراخيص ولجنة اللوائح ولجنة تنظيم مسابقات الدوري ولجنة الشكاوي والمخالفات ولجنة التسويق وبيع حقوق النقل التلفزيوني ولجنة الاستئناف بعد صدور القرارات,, الخ.
اما ما يخص موضوع تنظيم المنافسات المحلية فتلك الرابطة (او اللجنة الكبرى) لها دور في ذلك, فلجنة تنظيم المنافسات في هذه الرابطة هي المسؤولة عن تنظيم الدوري العام للفرق (المحترفة) او الممتازة في الوقت الذي تبقى فيه الامانة العامة بالاتحاد المحلي مسؤولة عن تنظيم المسابقات الاخرى (كالدرجة الاولى والثانية,, الخ) بالاضافة الى دوري خروج المغلوب الذي يجمع جميع الفرق الممتازة والاخرى.
فلنتخيل تلك النقلة النوعية والقوية لدينا الى عالم الاحتراف الحقيقي والمنظم اذا ما تولى صاحب السمو الملكي الامير نواف بن فيصل نائب رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم بما يحمله من ثقافة عالية وحيوية ونشاط مسئولية رابطة الاحتراف (أو اللجنة الكبرى للاحتراف) وتولى اعضاء اللجنة الحالية الافاضل لجانها كأن يتولى سعادة الدكتور صالح بن ناصر رئاسة لجنة اللوائح والاستاذ عبدالرحمن الدهام رئاسة لجنة المسابقات وهلم جرا, انه تصور ولكنه يظل واقعا عالميا مطبقا في مجال ادارة الاحتراف الحديث ولا مجال للهرب منه.
وبالله التوفيق،،،