عزيزتي الجزيرة
قرأت مقالة الأخت منيرة أحمد الغامدي في جريدة الجزيرة العدد 9977 وتاريخ 16/10/1420ه والمعنون ب(آه يا الرياض)، وكيف كان استمتاعها بما وصفته بالأجواء الممطرة الرائعة التي تبعث على الوصول إلى قمة الرومانسية، ثم عرجت على التسوق ومتعة التسوق ومقارنة ذلك بالتسوق في مدن اوروبية من خلال ما أوحى لها نظرها إلى العديد من المحلات التجارية على طريق عودتها إلى منزلها كراكبة تستمتع بالاجواء وتنظر إلى المحلات التجارية وليست قائدة للسيارة, إنني اختلف مع الاخت منيرة في جانب واتفق معها في جانب آخر, إن جانب الاختلاف هو في كوني لا اصل إلى تلك الدرجة من المتعة وأنا أتجول في شوارع مدينة الرياض او للانصاف لنقل في معظمها وذلك اثناء هطول الامطار بغزارة, انني عندما تمطر على مدينة الرياض وبغزارة أتمنى الا أكون في احد شوارعها راكبا أوقائدا للسيارة أو ماشيا, فعندما أكون قائداً لسيارتي أثناء انصباب المطر ينتابني نوع من القلق واعتقد ان هذا شأن الاغلبية، لا أشعر بأي نوع من المتعة ويزداد التركيز مع نوع من التوتر, انه وأثناء نزول المطر تزداد الحوادث ومنها المميتة كما حدث مع بداية شهر رمضان على الطريق الدائري الشرقي ولك ان تتخيل متى يصل المرور الذي لا يصل في الظروف العادية إلا بعد وقت طويل فما بالك في ظروف الامطار وفي مدينة الرياض, الامطار الغزيرة على مدينة الرياض تدفعني الى اعلان حالة الطوارئ في البيت لأنني اخشى مع غزارة الامطار ان تأخذ مياه الامطار المتجمعة من على السطح ومن الفناء طرقا غير طرقها الاعتيادية، كأن تقتحم الملحق الخارجي او تذهب الى غرف التفتيش للصرف الصحي وبالتالي تمتلئ البئر المؤقتة (15 سنة) للصرف الصحي وتتسبب لنا في كارثة بيئية في المنزل وفي الحي, ان بيتي ولله الحمد الذي لا يحمد على مكروه سواه ليس مربوطا بشبكة صرف صحي شأنه في ذلك شأن ثلاثة ارباع مساكن مدينة الرياض تقريبا, الامطار الغزيرة على مدينة الرياض تعني لي التفكير والتخطيط لساعات للطريق الذي سأسلكه من وإلى العمل لكي اتجنب المستنقعات والشوارع التي تتحول عندما تجود السماء بأمر الله بالماء إلى برك تحتاج إلى نوع خاص من السيارات للسير فيها لا يمتلكه العبد لله والكثير من امثاله مثله, اعترف لكم انني مهما رسمت من خطط فإنني في النهاية لا محالة مار على العديد من المستنقعات والبرك، طالما معظم شوارع مدينة الرياض تفتقر لنظام تصريف السيول, وما دام لابد مما ليس منه بد وهو الذهاب للعمل والعودة منه فمعنى هذا أنني سأتعرض للرذاذ المتطاير من الشوارع اثناء مرور السيارات مما يقود إلى تأثر ملابسي وهذا ما تحذرني منه زوجتي باستمرار والتهديد بعدم غسلها في البيت!
كما ان سيارتي ستتعرض لاندفاع المياه المتسخة عليها اثناء دخول المستهترين بسياراتهم وبسرعة إلى المياه في الشوارع، وسأتعرض لغطرسة اصحاب الشاحنات الذين ينظرون إلينا بشفقة وربما ازدراء وتعال وهم يمخرون عباب المستنقعات في الشوارع, بل كأنهم يحقدون على اصحاب السيارات الصغيرة لكونهم لا يستطيعون مجاراتهم في السرعة في الظروف العادية, قد يتعرض الانسان للشتم او ينفلت زمام اعصابه ويشتم أثناء قيادته لسيارته في ظل هذه الظروف، ولكن ما يخفف ربما من وقع الشتائم هو ان من يشتم لا يفتح زجاج السيارة خوفا من البلل، ولذا وان ادرك شخص انه مشتوم من خلال ملاحظة شفاه الشاتم إلا ان المشتوم لا يسمع نوع الشتيمة, وسكوت المشتوم على الشاتم إما مرغما أو صابرا ومحتسبا.
عندما تسقط الامطار على مدينة الرياض وتبدأ تسقط بغزارة فإنني أبدا بالدعاء والقول (اللهم حوالينا ولا علينا,, اللهم على الآكام وبطون الاودية ومنابت الشجر)، وأعتقد ان هذا ما تدعو به أمانة مدينة الرياض ايضا.
من منا لا يحب المطر؟ كلنا نحب المطر وخاصة بعد الجفاف، ان مدينة الرياض جميلة وأنيقة وتضاهي مدن عالمية في ذلك، ولكننا عند المقارنة في تصريف السيول والصرف الصحي فهي ما زالت تحتاج إلى جهود جبارة لكي تكون الاجمل والانظف بين مدن العالم, ان جهود صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز امير منطقة الرياض وتخطيطه وتوجيهاته واضحة بجلاء على مدينة الرياض, ولاشك ان نظام الصرف الصحي ونظام تصريف السيول في مدينة الرياض من اولويات اهتماماته, ولعله وفي القريب العاجل ومع تحسن الاوضاع الاقتصادية العالمية والداخلية تعود عجلة التنمية الى سابق عهدها ونستمتع بالتجول في شوارع الرياض في الصحو وفي المطر, الرياض هي عاصمة المملكة وقلبها النابض ومدينة السلام والامن ومركز من مراكز اشعاع الثقافة العربية والتقاليد الاصيلة, من ألف العيش فيها لا يتحمل الغياب الطويل عنها, نحبها ونرغب دائما ان تكون في أبها حللها، ونرغب ان تكون مهيأة لاستقبال الامطار بحيث يزيد سقوط المطر من حلتها جمالا وتصبح قطرات المطر مع اشعاع البرق عقدا يطرز اجواءها ليبعث الرومانسية والشاعرية في نفوس سكانها.
ورغم الاختلاف مع أ, منيرة في عدم استمتاعي بسقوط الامطار بغزارة على مدينة الرياض، إلا انني اتفق معها تماما في عدم الاستمتاع بالتسوق بشكل عام وهذا ليس لسبب ذاتي وإنما للعديد من الاسباب، بعضها ذكرته الاخت منيرة والبعض الآخر سأذكره والبعض لن أذكره, التسوق نظام متكامل يشتمل على المكان الذي نتسوق فيه ومدى نظافته وتهويته وتظليله ومدى توفر الخدمات المساندة مثل المواقف ودورات المياه ورجال الامن والمطاعم بالاضافة إلى اماكن القياس التي اشارت إليها الاخت منيرة والتي تفتقر لها كل الاسواق, والاقتراح الذي اوردته الكاتبة جيد وان كان لا ضرورة لوجود نساء لمراقبته, ويكفي وجود رجال الامن في السوق وعلى مقربة منه, إن وجود اماكن للقياس اساسي في العملية التجارية في كل دول العالم ونحتاج فقط إلى تهيئة مكان مناسب له وليس لالغائه لما في ذلك من كلفة اقتصادية عند قياس الملابس في البيت واعادتها مرة أخرى أو قبولها على عيوبها, كما تتضمن متعة التسوق، مدى توفر البضاعة وتنوعها وتلبيتها لاحتياجات كل الناس وكتابة الاسعار عليها ويزيد من متعة التسوق وجود الباعة الامناء الذين يحسنون التعامل مع المتسوق, إن الباعة في جميع اسواقنا من (الرجال) ولكم ان تتخيلوا وضع اغلب النساء وهن يسألن البائع عن قياسات واسعار ملابسهن الداخلية، وقد لا يسأل الكثير منهن عن ذلك بل تشتري دون سؤال وبأي سعر.
وهذا يناسب فاسدي الذمم من الباعة في وضع السعر الذي يراه, التسوق يشمل السلوك الشرائي للمتسوق وتخطيطه للتسوق ولما يرغب وأين ينوي ان يذهب وكم ينوي ان يصرف, إذا اكتملت هذه المنظومة للتسوق فإن متعة التسوق لابد ان تتواجد وبنسبة مرتفعة، ولكن في نظري لكي تكتمل هذه المتعة فإننا بحاجة الى ممارسة التسوق العائلي والتخطيط العائلي للتسوق وتسجيل الذكريات الطيبة مع الاسرة, التسوق العائلي يتيح الفرصة للمناقشة وابداء الراي فيما يودون شراءه سواء ما يخص العائلة ككل او ما يخص كل فرد على حدة اعتقد ان التسوق العائلي عنصر من عناصر تدعيم الروابط الاسرية, ان التسوق العائلي والحضور العائلي للمعارض كفيل بالتقليل وبدرجة كبيرة من المضايقات وتسوق غير المتسوقين والمتسوقات في سوق غير سوقهم.
د, عبدالله بن سالم الزهراني