تنطلق الصحف ليس في المملكة فقط وانما في العالم من مسلمات غير مختبرة وتتخذ من هذه المسلمات مقدمات لادارة شؤون المجتمع, فالمسلمة المتصلة بالخادمة على أساس انها أداة افساد وجزء من غزو ثقافي يريد ان يقوض البيت السعودي والدليل الذي يردد في كل مقالة ليغذي هذا الاتجاه ان هناك بعض الأطفال أصبحوا يتكلمون لغة التقالو او اللغة الاندونيسية وبعضهم بدأ ينطق العربية بشكل ملتو كما تفعل الخادمة الخ.
وهذه الاصوات تنادي بإنهاء وجود الخادمة والعودة لنظام الأمهات السائد قبل تعلم المرأة السعودية, طبعا هذه المطالب لا تتصل بطرح جدي فهذه الأصوات تتحدث بعمومية تخويفية تدفعها أغراض اخرى لذلك, وتعمد الى تضخيم كمية الفساد الذي تسببه الخادمة من خلال اطلاق الاشاعات وضرب الأمثلة تلو الأمثلة عن نضال أمهاتنا في الزمن الماضي أيام أمية وجهل المرأة السعودية وكيف كانت المرأة في ذلك الحين تدير منازل كاملة ضخمة مليئة بالبشر وحدها دون معاونة من خادمات أو أجهزة الكترونية حتى ان بعض الأمهات كن يذبحن ويسلخن البعير وحدهن.
فكما ترى لا يمكن الاستهانة بالضغط العاطفي الذي يسببه مديح الأم ومديح الماضي وقدرة ذلك على توليد تعاطف كبير مع أي دعوة للتخلص من الخادمات والناس لا شك تقبل هذا الكلام على المستوى النظري ولكن على المستوى العملي نلاحظ أن ظاهرة الخادمات تتنامى وتتوسع وتتجذر حتى في بيوت الذين يحاربون وجود الخادمات, لأن الناس حتى أبسطهم يعرفون الفرق بين الرفاهية والتعب, ويميزون بين الواقع والخيال, دعونا نقارن بأمثلة بسيطة بين الماضي والحاضر.
كل من عاش في فترة أمهاتنا يعرف ان المطبخ على سبيل المثال لا يوجد فيه سوى قدر أو قدرين وملاس او ملاسين وغضارة او غضارتين وصحن او صحنين, ولو ألقينا نظرة على غرفة النوم سنرى طراحة كبيرة او صغيرة وصندوق كبير او صغير وأرضية البيت طبقة اسمنتية متآكلة, وهكذا يمكن ان نقوم بجولة كاملة في المنزل القديم لنرى ان مجموعة محتوياته لا تعادل محتويات دولاب واحد في مطبخ اليوم ناهيك عن التنظيفات المنوعة الشبابيك والحوش والرخام والسراميك الخ, فلو ركب في قلب أي انسان ماكينة ضخمة فلن تتصدى لكل هذا وحدها فلابد من يد العون ولا يمكن ان تحصل امرأة اليوم على مساعدة الا عبر نظام الخادمات.
ولكن الشيء المهم الذي يجب ان نعمل في اتجاهه هو ان وجود الخادمات يجب ان يكون في النهاية استثمارا وليس استكسالا اذا جاز النحت اللغوي وهو تعبير عن الكسل والبطالة وتربية الشحوم على النساء أي استثمار في حقل تنمية المرأة لتحويلها الى انسان طبيعي منتج, فكل امرأة تلقت تعليما مجانيا يجب ان تسدد هذا الدين عملا منتجا يخدم وطنها وبيتها, فالخادمة في بيت المرأة العاملة الآن هي في الواقع استثمار, فالطبيبة التي تدفع للخادمة ستمائة ريال شهريا وتقبض من عملها ستة آلاف ريال هي في الحقيقة وفرت على وطنها خمسة آلاف واربعمائة ريال لان بديل الخادمة في مثل هذه الحالة سيكون طبيبة اجنبية, وهذا ينطبق على كل الوظائف حتى الوظائف التي لم تفتح للمرأة, فاذا كنا نخسر ملايين اجور الخادمات فنحن في الواقع نوفر بلايين اجور الطبيبات, اذاً علينا ان نقيس الملايين التي تخرج من الوطن بسبب الخادمات مقابل البلايين الكبيرة التي تخرج من الوطن مقابل وجود المرأة المتكاسلة في البيت.
حتى لو تركنا حكاية الملايين والبلايين والتفتنا الى حق نسائنا في الراحة والرفاهية لماذا نمن على زوجاتنا وبناتنا ببعض الرفاهية؟ لماذا لا تكون المرأة السعودية مرفهة ونؤوم الضحى؟ من حلالها!! أليست خيرات البلد قسمة بين أهله, أليس للمرأة حق الرفاهية مثلها مثل الرجل تماما؟!
علينا ان نستجيب لدواعي تغير الزمان فامهاتنا لم يكن يصلخن البعير تبرعا او تنازلا ولكن ظروف الحياة الصعبة فرضت عليهن ان يكن كذلك, وليس من العقل ابدا مقارنة العصور المختلفة ببعضها لمجرد موقف ثقافي غير مبرر, ونحن نعرف ان الأثر الثقافي لوجود الخادمة في البيت يمكن دحضه بكل سهولة.
علينا ان نتعلم ونعلم مواطنينا كيف نواجه مندوبي بل جيتس وبالمر بغلايينهم وعلابيهم الحمر، هؤلاء الذين يصنعون الحضارات والثقافات وليس امرأة بائسة باعت مصاغها وذكريات عرسها لتؤمن لأطفالها لقمة عيش كريمة.
yara 2222 * hotmail. Com