Wednesday 26th January, 2000 G No. 9981جريدة الجزيرة الاربعاء 19 ,شوال 1420 العدد 9981



الشيخ عبدالله ابن خميس
فلسطينياته
سعد بن خلف العفنان

يخص الشيخ عبدالله بن خميس قضية فلسطين بعشر من قصائده المنشورة في ديوانيه (على ربى اليمامة) و(الديوان الثاني) وهي بعناوين يوم النصر,, سلمت يدا شعب الجزيرة,, نداء فلسطين,, يا دار,, عبر الاحداث,, شهيد تل الزعتر,, أناحي,, يا فتح (1) ,, إلى أبطال الحجاز في فلسطين,, أنكى من أسود الشرى (2) وقد وردت هذه القصائد حسب ترتيبها في الديوانين على التوالي، اما اولها زمانا فقصيدة (عبر الاحداث) والتي قالها بمناسبة الهدنة التي اعقبت حرب 1948م حيث كان يرى شيخنا الفاضل في وقف تلك الحرب ضياعا للقضية وان المؤتمرات والدعوات والمطالبات التي كانت تُجرى آنذاك ما هي الا هراء وان الأمر الذي لا مفر منه لاستعادة الحق هو السيف ففي تلك القصيدة يستذكر مع التاريخ ما مر به العرب من نكايات الامم وكيف ثُلّ عرشهم وذهب مجدهم وكأن الارض لم تدن لهم الى ان يصل الى بيت القصيد حيث يقول:

كل ما نأتي الآن هرا
ما لنا عن طاعة السيف مفرّ
فلعمري ما انتضته أمة
أعذرت من غيره الا أبر
ارفعوا البند فحتام الونى
وأشهروا السيف فحتام الخور
واتركوا الدنيا ظلاماً حالكاً
وأنصفونا من حثالات البشر
ما حياة المرء الا عزة
فتقدم للمعالي أو فذر (3)
هذه روح ابن خميس الوثّابة وأصل فكره الراسخ في كيفية التعامل مع اليهود لم يحد عنها بل يبني عليها متصاعدا مع تصاعد الأحداث فيطالعنا بقصيدته الثانية التي قالها عند قيام حرب 1967م تحت عنوان (نداء فلسطين) وكأن فلسطين تطلب النجدة من الجزيرة موئل أمجاد العرب مطالباً باجابة نداء فلسطين وإبراء قروح القلوب بالثأر من اليهود الغاصبين فيقول:

قِننُ بأولى القبلتين تُنادي
قد طال في الضيم الممض رقادي
ووتيرتي نامت وزاد تأوهي
ويهود يالمصيبة عُوّادي
وأعيش في أملٍ طويل ليله
لا مسعف أو منجد أو فادي
وتلفتي نحو الجزيرة لا يني
يا موئل الأمجاد حُلّ قيادي
رحمي بهاتيك الربّى موصولة
فالقوم قومي والبلاد بلادي
وسيوفهم درعي وسنة أهلها
شرعي وصيحة حربهم إنشادي
مُرهم فحبات القلوب قريحة
كي يبرئوها والسيوف صوادي
وخيولهم جرد وفتيان الحمى
مرد وثارات البلاد تنادي
ونشيدهم الله أكبر يا لها
أنشودة دكّت ذرا الأطواد
أبني المثنى والزبير وخالد
والوارثين فضائل الأجداد
كتائباً عبدالعزيز مضى بها
ببطولة والعزة وجهادي
أورثتموها عزة ولنعم ما
قد ورث الآباء للأولاد
لا تستكين عظامهم في رمسها
والثأر يصرخ والذحول بوادي
ويهود في ارض العروبة طلقة
ومضارب الأبطال للأوغاد
يا للمذلة ان تعيث ثعالب
ممقوتة بمسارح الآساد
خدشوا كرامتنا وساموا قومنا
خسفاً وعاثوا في الحمى بفساد (4)
وعندما برزت منظمة فتح كحركة نوعية في ميدان النضال الفلسطيني وتجاوزت الاقوال بالافعال وحددت ان غايتها الاولى والاخيرة هي تحرير فلسطين وأثبتت فاعليتها وصدقها النضالي وزعزعت امن اليهود الغاصبين وزرعت الرعب في قلوبهم عند ذلك كانت المملكة العربية السعودية اكبر الداعمين مالياً وسياسياً لهذه المنظمة ومن اوائل الدول العربية التي فتحت مكتباً لها وكان شيخنا الفاضل شاعر حفل افتتاح مكتب فتح في الرياض وخطيبه وقصيدته (يا فتح) في تلك المناسبة تؤكد في كل بيت من بيوتها مدى التزامه الذي لا يتزعزع للقضية الفلسطينية:

عشنا مع القول مبسوطاً ومقتضبا
نُنمق الشعر والأسجاع والخطبا
ونستدر الأكف الملهبات دماً
تُمريه لكنها تُمري دماً كذبا
ونشجب البغي بالألفاظ هادرة
فما تنهنه عن نمي وما انشجبا
يسومنا الخسف حتى قال شامتنا
ما هؤلاء ومن شق النوى عربا
يقضي بهم كل فأفون الهوى ارباً
وما قضوا عن عدوٍ نالهم أربا
قد قلّ إحساسنا بالذل نجرعه
كالفحل طال المدى فاستمرأ الجربا
حتى إذا أنفت من بيننا فئة
فاسترحلوا الموت في درب العلى سببا
واستنطقوا النار تُشفي الغيظ ملهبة
وابدلوا المعتدي من أمنه رعبا
جُن العدى واستشاطوا وابتغوا سببا
يكون منا علينا ممعناً حربا
إلى أن يقول:

يا فتح صبراً على الأذى ومرحمة
ووطني النفس هان الأمر أو لزبا
فرب غيظ شفاه الصفح وانقلبت
إساءة الأمس مشفقاً جدبا
وأفرغي الحقد مشوباً وملتهباً
في قلب صهيون وأخرى صدره رهبا
يا فتح هذا أوان الشد فابتدري
معاقد النصر فتكاً ممعناً وظبا
وعلمينا طريقاً كان يسلكها
آباؤنا فيزيلوا عنهم الكربا
وطهرّي ساحك المبرور من نفرٍ
قذى العيون همُ تواً ومنقلبا
ثعالب همها الإفساد ما فتئت
تصبو الى فتنة حيث اليسار صبا
ونحن منك على عهد تباركه
وشائج العرب والإسلام مانسبا
شدّي بنا الأزر إنا معشر عُرفت
فينا الشجاعة خلقاً والندى حسبا
يقودنا في سبيل الله محتدنا
فنرخص الأهل والأرواح والنشبا
يا يوم أيار لا خلف ولا خور
يوم الحساب وإن طال المدى قربا
ويختمها قائلا:

وفي الرياض له مد يؤججه
لو يقتضيه دم الأكباد ما نضبا (5)
وفي مناسبة فلسطينية تالية يُطالعنا شيخنا الفاضل برائعة أخرى من فلسطينياته وهي قصيدته (سلمت يدا شعب الجزيرة) والتي مطلعها:

الثأر يوقظه الحسام المنتضى
والحق كل الحق فيما قد قضى
والقول ترجمه الفداء قذائفاً
أصداؤهن تشق أجواز الفضا
حكم وما فزع الرجال لمثله
إن لج غر في العداء واوفضا (6)
وقد أعجب بهذه القصيدة الشاعر السعودي الكبير احمد ابراهيم الغزاوي فعارضها بقصيدته (وأكاد من شغفي) والتي مطلعها:

أشعلت يا ابن خميس نيران الغضا
في من تفيأ بالصوارم وانتضى
ونسجتها من كل قلبٍ خانقٍ
تجري الدماء به حميماً مُرمرضا
وكأنما هي في ارتجاس رعودها
شهبُ تحدّت كل من هو أجرضا
ما نفثها ما بثها ما حثها
الا على سحق العدو مرضرضا
هي من بيانك في بنانك آية
إن الرضي بها ازدهى والمرتضى (7)
ويواكب أحداث القضية العربية الإسرائيلية فتقوم حرب رمضان اكتوبر عام 1973م وتعبر القوات العربية قناة السويس وتحطم خط بارليف وينهزم اليهود هزيمة ساحقة لولا الدعم الامريكي المباشر فيقول شيخنا الفاضل قصيدته (يوم النصر) فرحاً مستبشراً محيياً عزمات الابطال ومنها قوله:

الله اكبر في طي القضاء عبر
وفي مداولة الأيام مدّكر
يقدر الناس والأقدار ضاحكة
ولا يحيطون ما يأتي به القدر
كنا نعيش عجافاً درها علق
ونستجم ثماداً صفوها كدر
ونهجر النوم تجفونا مضاجعنا
كأنما كللّت طياتها الإبر
إذ تمثّل ماضينا وحاضرنا
تكاد أكبادنا بالغيظ تنفطر
يقول تاريخنا هل أنتم عرب
وهل نمتكم الى أذوائها مضر؟
وما علمنا بان الغيب يرقبنا
في موعد عنده البركان ينفجر
يأتي على البغي أربى في ضراوته
فيستبيه ولا يبقي ولا يذر
الثأر الثأر جند الله فاستبقوا
بوادرالنصر لا ضعف ولاخور
لا ألفينّ امرأ ينسى ضريبته
فالتضحيات لأرباب العلا غرر
يا موكب النصر كم أحييت من أملٍ
له تأصل في نيل المنى وطر
نفسي الفداء لفتيان ترافقهم
قلوبنا فوق خط النار تبتدر
باعوا نفوسهم لله ما وهنوا
وما استكانوا فنعم الفتية الصبر
دم العروبة يذكيهم ويندبهم
ألا اثأروا ومن الباغين قد ثأروا
يا خالد طب نفساً ونم فرحاً
واهنأ بما فعل الأحفاد يا عمر (8)
ويتقمص شيخنا الفاضل شخصية الإنسان الفلسطيني المؤمن بحقه المصمم على المقاومة والصمود فيقول:

سوف ابقى صلبا على الدهر عودي
ابذل المستحيل دون وجودي
أكتب النصر بالدماء وأروي
قصصاً قبل قد روتها جدودي
لا نريد الحياة في ظل ضيم
نبتغي العز في لظى أو فنودي
معزفي مدفعي وفي النقع طيبي
ودوي الرصاص أحلى نشيدي
والكلام الكلام لا أبتغيه
قسمتي منه يا فلسطين عودي
أناحي في العلم يبدع بعضي
وبعضي أمضي لسحق اليهودي
إبرتي منجلي قدومي حسامي
قلمي مبضعي رموز وجودي (9)
ومع الفلسطينيين فيما تعرضوا له من مذابح في تل الزعتر وفي صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة وعين الحلوة وغيرها حيث يضع النقاط على الحروف عن منفذي تلك المذابح في قصيدته (شهيد تل الزعتر) والتي مطلعها

لا أشتم الذئب طبع الذئب يكفيني
الغدر شيمة أبناء السراحين (10)
وعندما عز السلاح على الفلسطينيين وتعاونت مختلف القوى الطائفية في اطار المخطط الصهيوني الإمبريالي على إبعاد المقاتلين الفلسطينيين من جميع المناطق المتاخمة لفلسطين وتدمير المخيمات الفلسطينية التي كانت قواعد للفدائيين وإجبار رجال المقاومة الحقيقيين بقيادة فتح على الرحيل الى تونس واليمن وعملت فتح على تأجيج المقاومة داخل فلسطين المحتلة بما عرف بالانتفاضة وثورة الحجارة كان شيخنا الفاضل روحاً وثّابة متجددة مع النضال الفلسطيني بقصيدته (إلى أبطال الحجارة في فلسطين).

صبراً بني العم لاضعفاً ولا جزعاً
أسمعتمو عالم الإنسان لو سمعا
رويتم قصة التاريخ ملحمة
لقنتموها لأجيال الورى جرعا
عزّ السلاح تلاقون العدو به
وفي الحجارة ما اشفى وما نفعا
كلاب صهيون تلقى الهون مدبرة
مدججين فما أغنى وما شفعا
صبراً بني العم من قربى مراغمة
في كل صقع تلاقي منهمُ وجعا
حاطوا حمى البغي والعدوان دونكم
حتى كأنهم أمسوا لها تبعا
صدّوا الفداء وساموه ومافتئوا
يقارفون أذاه والعدو معا
فما يلاقيه يا للعار من عرب
اشجى وأفتك من صهيون وما جمعا
الذل صيرهم حرّاس دولتها
والجبن أمعن في أذلالهم هلعا (11)
بالنظر الى هذه القصائد التي عبر فيها شيخنا الفاضل عن موقفه المبدئي الثابت من القضية الفلسطينية على مدى اكثر من اربعين سنة منذ حرب 1948م الى انتفاضة 1987م يحق لنا ان نقول انه قدم لنا سجلاً ناصعاً نفخر به سكب فيه خلاصة فكره في قضية هي اهم قضايا العرب القومية فكان طوداً شامخاً في هذا المجال كما هو كذلك في المجالات الاخرى.
المراجع:
(1) على ربى اليمامة ص 81 147, الشيخ عبدالله بن خميس.
(2) الديوان الثاني ص 65 71, الشيخ عبدالله بن خميس.
(3 10) على ربى اليمامة ص 123، 109، 141، 93، 99، 85، 137، و129.
(11) الديوان الثاني ص 65.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

ملحق جازان

منوعـات

لقاء

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.