لا وقت للصمت لمن نصفق ؟ فوزية الجار الله |
في خضم البرامج الباردة والهزيلة التي تعرضها الفضائيات يومياً,,, نبتهج جداً كلما ظهر لنا برنامج جيد كالإضاءة الخاطفة نجد من خلاله ما يحرك في أعماقنا شيئاً ما طال ركوده!
وقد كثر الحديث عن مسلسل أم كلثوم الذي عرضته أكثر من فضائية عربية خلال شهر رمضان، كان أهم هذه المقالات ما كتبته الاستاذة هاديا سعيد في مقال لها في جريدة الشرق الأوسط تبدي فيه استياءها من الصورة التي ظهرت فيها أم كلثوم حيث قالت ما خلاصته:
أن شخصية أم كلثوم ظهرت وكأنها شخصية رسمت بالشعارات والأسطورة، فليس هناك مشهد واحد في المسلسل يجعلنا نقول هذه امرأة من لحم ودم، بشرية، تخطىء وتصيب وتقوى وتضعف وتحب وتعيش الخوف والخسارة وتقودها ظروف الصراع الى شيء من التهور,,, وقالت أيضا: إننا نشاهد مثل هذه الحقائق في بعض الأعمال الأجنبية إلا أننا في العديد من الأعمال العربية نفتقد هذه الرؤية المتوازنة والعادلة,,, الخ .
وأنا مع الأستاذة هاديا في أن هناك تركيزاً شديداً على إظهار السيدة أم كلثوم بصورة كائن اسطوري بلا أخطاء ولا حتى هفوات,, لايحمل عيوباً وإنما كماً هائلاً من المحاسن,.
وأقول لها بأن ذلك لايحدث فقط في المسلسلات والأعمال التلفزيونية حيث نصنع الابطال ونتحدث عنهم,, بل يحدث أيضاً في واقع حياتنا حيث يظهر لنا أناس بين الفترة والأخرى لا نرى فيهم إلا الجانب المضيء المشرق,, هم لايخطئون ولايتعثرون,, لا تظهر لنا سوى أفعالهم الظاهرة فنغدق عليهم الثناء ونصفق لهم هكذا دون أن نتحرى أو نعلم لمن نصفق؟!
خلاصة القول انه ورغم أن العمل لا يخلو من بعض الهفوات التي ذكرت هاديا بعضها وأكمل لها بعضها الآخر وهي:
إغفال ظهور بعض الشخصيات التي كان لها صلة بأم كلثوم.
تجاهل بعض الأحداث الهامة.
إلا أن الكاتبة بالغت, كثيراً في نقد الشخصيات وفي السخرية منها والتي كان اختيار الممثلين فيها ليكون مشابهاً قدر الإمكان للواقع,, واعتقد أن رأي الأخت هاديا جاء حاداً بهذه الصورة بسبب مقارنتها المسلسل بالأصل الحقيقة وإحساسها بذلك الفرق الشاسع,, وهذا أمر طبيعي جداً,,.
ويبدو ايضاً ان الأخت هاديا لم تتابع حلقات المسلسل بأكملها، إذ يصعب على من كان هذا رأيه أن يحتمل 37 حلقة من المسلسل,, كيف له أن يطيق ذلك؟!
أخيراً أقول بأن عدم إظهار شيء من أخطاء أم كلثوم بالتأكيد لن يجعلنا نكرهها، بل سنعلم بأنها واحدة منا نحن البشر,, تخطىء وتصيب,,, تحب وتكره,, وذلك أيضاً لن يقلل من القيمة الفنية للعمل بأكمله.
وربما لايتسع المجال في هذه الزاوية كي أتحدث عن كافة ما ذكرته الأخت هاديا في مقالها لكنني أشير هنا إلى أن الشاعر بيرم التونسي لم يكن حضوره في المسلسل فقط ليؤكد مصريته وإنما كان من أجود الشعراء الذين قدموا لأم كلثوم أجمل القصائد يكفينا منها تلك الأبيات:
فوقنا حمام الحمى/ عدد نجوم السما/ إلى أن يقول: واللي نظم سيره/ واحد مفيش غيره/ دعاني لبيته /لحد باب بيته/ ولما تجلّى لي/ بالدمع ناجيته
|
|
|