عزيزتي الجزيرة,.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,.
اما بعد:
فإن من كمال المروءة ان ينسب الفتى الفضل بعد الله لأهله، وان يعيد الحق لمستحقه، وان يكافئ من أسدى اليه معروفا حسا، او معنى، قولا او فعلا.
ولعل الاستاذ المخلص من اكثر الناس بذلا، وارفعهم قدرا، واغلبهم حلما،و اصدقهم نطقا، وانصحهم حرصا.
وهو في الوقت نفسه:
أكثر من يُنسى، وآخر من يُقدَّر، وأول من يُتهم، وآخر من يُقدَّم.
فإلى كل استاذ علمني حرفا، أو فهمني رقما او اكسبني فنا، في مستويات التعليم الاربعة، اكتب هذه الكلمات:
الى من تورّمت قدماه لكي افهم، وتلوثت ثيابه لكي أعلم، وترمدت احداقه لكي انظر، وتنوعت أصواته لكي أسمع، الى من فارق النوم جفنيه، ولوَّن الطباشير كفيه، وأتعب التصحيح اصبعيه، وصادق الألم صدغيه، وداهم الشيب عارضيه.
إلى من بذل ما بوسعه من أجل أن:
اعلم بعد جهل، وافهم بعد عجز، واحفظ بعد نسيان، واقرأ واكتب بعد أمية، وادرك بعد استفهام، واتنور بعد حالك الظلام.
إلى من رجوت ان اقابله في طريق، او اراه في سوق او اجتمع به في مناسبة، او احادثه في مكالمة، الى من عاش معنا في الطفولة، فتطفلنا عليه،و علَّمنا في الصبا، فأصبنا منه، وارشدنا في المراهقة فارهقناه، فنحن المتغير، وأنت ما زلت ثابتا كالجبل الراسي.
(وهل ترى الاعصار يوماً هزَّ شم الراسيات؟).
(كلا),, عرفتك متقنا لعملك، مبدعا في ادائك، مؤثرا في اسلوبك، جذابا في تعاملك.
تواضعت فكنت كالنجم يرى على سطح الماء وهو رفيع.
,, وما تكبرت لتكن كالدخان يعلو بنفسه الى السماء وهو وضيع.
استاذي العزيز:
قدرك عندي لا تحده كلمات، ولا تحيط به عبارات، فقدرك عال، ومقامك رفيع، وقيمتك غالية، غير اني حاسبت نفسي فوجدتني مقصرا في حقك، ناسيا لمعروفك, فأحببت ان ابعث ما اندثر، واجبر ما انكسر، فكتبت هذه الكلمات مطالبا نفسي اولا ثم من كان على حالي ان يسعوا لخدمتك، ولتقديم الشكر لك بعد الله، وللاعتراف بحقك، وللحرص على وصلك، وزيارتك، وللاستمتاع بحديثك,اللهم اغفر لكل من علمني حرفا واصلح ذريته وأهد قلبه واستر عيبه وجازه خير ما جازيت محسنا على إحسانه.