بعد أن أصبحت القاعدة وعدمها الاستثناء التخفيضات الكبرى,, هل ما زالت تغري المستهلك بالشراء؟ حمى التخفيضات انتقلت من محل لآخر ودور غرفة التجارة غائب تماماً |
* تحقيق : عبدالله الجلاوي بن ربيعان
التخفيضات الكبرى،ال Big Sale ، الاوكازيون الكبير، عرض خاص، تصفية شاملة، اشتر واكسب، لوحات وملصقات اصبحت مألوفة في اسواقنا التجارية، والمناسبة جاهزة فهذه بمناسبة العيد، واخرى بمناسبة الاجازة وثالثة بمناسبة العودة للدراسة، ورابعة بمناسبة الشتاء وخامسة بمناسبة الصيف وسادسة بمناسبة اللامناسبة، وتصاريح الغرفة التجارية جاهزة لمن يطلبها وكثير من تجارنا زهد في هذه الورقة لأنه لا رقابة على الالتزام بها فأصبح يعلق ورقة التخفيضات طوال ايام السنة، بل وصل الأمر الى خمس سنوات وورقة التخفيضات لم تنزع، ويبقى هنا السؤال: من المسؤول عن هذا التخبط وهذه العشوائية في اسواقنا التجارية والكبرى منها على وجه الخصوص؟ ومن يحمي المستهلك الذي بدأ يتساءل عن مصداقية هذه التخفيضات التي عملت كالطعم لجر قدمه الى السوق؟
عدسة الجزيرة ومحررها استطلعا آراء مجموعة من المستهلكين حول هذه القضية ومن ثم مجموعة من التجار والباعة لمعرفة ردود الفعل المختلفة لدى كل طرف، فاليكم ما يلي:
نصف مصداقية
يبدأ الحوار الاستاذ محمد بن يوسف خميس المهندس الزراعي بوزارة المعارف والذي وجدناه يتسوق في احدى محلات التخفيض بقوله: يهمنا كجمهور المستهلكين جميعا قضية السعر فبما ان الشخص يستطيع ان يجد نفس القطعة او البضاعة التي يريدها او البديل المناسب لها على الاقل بسعر اقل فهذا افضل له، ولكن ان تجد كل او معظم الاسواق تعلق لوحات التخفيضات بشكل يكاد ان يكون طوال السنة فهذا يجعل المستهلك يشك في مصداقية هذه التخفيضات ولاسيما اذا كان الفارق بين السعر قبل التخفيض وبعده كبيرا، هذا مع تسليمنا انه لا يمكن ان يبيع بخسارة ولا بسعر التكلفة من اجل عيون المستهلك، وبالتالي فالتخفيضات الكبرى لم تعد تغرينا بشكل كبير للشراء مع اننا تعودنا كمستهلكين الآن حينما نريد الشراء ان نبحث عن المحل الذي يعطي خصما وتخفيضا أكبر، فنحن ربما تعودنا كمستهلكين على ان الاصل هو وجود التخفيض وليس عدمه ولكن هذا لا يمنع من مصداقية بعض التخفيضات وخصوصا التي تكون بين موسم وآخر لتغيير البضاعة من الصيف الى الشتاء او العكس فهذه الفترة يضطر البائع لعمل تخفيضات كبيرة لتسويق البضاعة الموجودة لديه، اما ان ينزل للسوق آخر موديل ويعمل عليه خصم 50% او 30% فهذا التخفيض غير صادق من كافة الوجوه.
ما بعد التكلفة
ويضيف الاستاذ بشار حسني العبدالكريم بان التخفيض المعروض في كثير من الاسواق يستند من وجهة نظره الى انه تخفيض هامش الارباح، اي بعد ان يغطي التاجر كافة تكاليفه من ايجار وعمالة وكهرباء فهو بعد ذلك يلجأ للتخفيضات التي تحرك سوقه ويرضى بالقليل من الربح في مقابل الكثير من المبيعات، وبالتالي فهو وعن طريق التخفيض يكسب ارباحا ويكسب زبائن وكثير من الشركات المعروفة تستهدف بفترة التخفيضات شريحة كبرى من المستهلكين لن تأتي ما لم توجد هذه التخفيضات وهو اسلوب تسويقي متبع في كثير من انحاء العالم، اما البائع الفرد الذي لا يقوم مشروعه على دراسة فعندما يحجم عنه الزبائن يقوم بعمل التخفيضات فأعتقد بأنه سيخرج من السوق سريعا اذا كانت هذه التخفيضات صادقة وهو ما يدعو للشك في مصداقية كثير من التخفيضات التي تعمل بشكلها الحالي في غالبية ايام السنة.
كثرة البدائل ووفرة المعروض
ويضيف الاستاذ ناصر الموسى الذي التقيناه يتسوق في احد المجمعات التجارية بأن مايحكم عملية الشراء وخصوصا ما يتعلق منها بالملابس والكماليات يخضع بالدرجة الاولى لدخل الشخص، وفي السنوات الاخيرة اصبح الناس يقتصدون اكثر نتيجة اما لانخفاض الدخول او لزيادة الوعي الاستهلاكي لدى الطبقات المستهلكة للسلع الغالية والجيدة، فمن وجهة نظري ان التخفيضات لم تكن لتوجد لو لا احجام الناس عن الشراء كما كان في السابق، وبالتالي فالتخفيضات والمسابقات والجوائز اساليب لاجتذاب المستهلك، وهي طرق تسويقية صحية وجيدة الا ان تطبيقها بعشوائية افقدها المصداقية فلم تعد تجذبنا كما السابق حيث كنا ننتظرها لشراء ما نحتاج، كما ان كثرة البدائل للسلعة في السوق ولنأخذ مثلا الجاكيت فهناك الفرنسي والاسباني والايطالي وهي كلها بدائل كاملة لبعضها اقول ان وجود هذه البدائل اجبر التجار على عمل التخفيضات لكي يكون لهم نصيب من الزبائن في سوق مفتوح به مختلف الماركات والسلع بما يتناسب مع جميع الاذواق ومختلف الدخول.
البحث عن زبون
ومن وجهة نظر البائع/ عصام عبدالمجيد فإن البحث عن الزبون هو سبب كل ما يعمل في السوق من تخفيضات سواء كانت صادقة او غير صادقة لأن سوق الملابس والكماليات يشهد ركودا غريبا منذ سنوات قليلة مضت، فكثير من الاسواق والمحلات يمر عليها اليوم واليومان والاسبوع ايضا دون ان تبيع ما يستحق الذكر، كما ان الشركات المنتجة للبضاعة تساهم في هذا الركود من خلال طرحها للمنتج الواحد وبنفس المواصفات والقياسات لدى محلات متجاورة في سوق واحد، وفي سوقين متجاورين، بحيث انعدم تميز المحل بعرض نوع لا يوجد عند غيره، فمنذ ان تدخل السوق في شرق الرياض وغربها تجد نفس الاصناف بنفس المقاسات ونفس المصنع مما يعطي المستهلك حرية الاختيار ويجعل المحل يفقد زبائن سابقين له فلا يجد اصحاب المحلات بدا من هذه التخفيضات والمنة للزبون اذا أتى.
صناعات شرق آسيوية
ويضيف الاخ/ محمد الريس بائع في Calven Klin بأن بضائع اليوم وخاصة ما يتعلق منها بالملابس والاحذية لم تعد مكلفة بدرجة كبيرة فالمصانع العالمية المعروفة والشركات المصنعة الكبيرة اصبحت تسعى لتخفيض التكاليف من خلال نقل مصانعها الى دول فقيرة تمتاز برخص الايدي العاملة وانعدام الضرائب على الهواء والبيئة مثل بنجلاديش وباكستان وكشمير والهند وغيرها، كما ان كثيرا مما يعرض في السوق صناعات سورية وتركية او شرق آسيوية وهذا ما يجعلها اقل تكلفة مما لو صنعت في امريكا او انجلترا او اسبانيا مثلا، اقول ان انخفاض هذه التكاليف اصبح يعطي التاجر الفرصة لجذب الزبائن من خلال التخفيضات الموسمية الكبرى في اشهر معروفة من السنة، او عن طريق الخصومات الخاصة باقي ايام السنة، وهو مع كل هذه التخفيضات يكسب ويربح والا لما بقي في السوق,.
واذكر ايضا نقطة هامة وهي ان السعر الحقيقي للملابس منخفض عند الشراء بالجملة، فالقطعة التي تدخل على التاجر بخمسين ريالا ويبيعها بمائتي ريال، فلو كانت التخفيضات النصف لاصبح يبيعها ب100 ريال وهو كسبان هنا وكثير ممن يسافرون الى الشام وتركيا وشرق آسيا يجلبون معهم قطعا فخمة بأسعار زهيدة فكيف بمن يشتري بالجملة، ولكن هذا لا ينفي ان هناك شركات ومحلات كبيرة تحترم زبائنها ولا تلجأ لهذه التخفيضات والخصومات الا في أيام معروفة، وصحيح انها لا تخسر ولكنها تقلل من ارباحها في سبيل الحصول على زبائن جدد او لتصريف بضاعة انتهى موسمها او لم تعد مقاساتها موجودة.
دور الغرفة التجارية
ويرمي البائع عماد سعد بالكرة في مرمى الغرفة التجارية بقوله: ان تصاريح التخفيضات التي تصدرها الغرفة التجارية والمحددة بثلاثة اشهر في السنة هي سبب لهذه الربكة والعشوائية في الاسواق، فلو ان الغرفة نظمت هذه التصاريح وحددتها بوقت معين كالاجازة الصيفية مثلا موعدا للتخفيضات لجميع الاسواق بلا استثناء لانتظمت الامور وعرف المستهلك متى يكون موعد التخفيضات فله الخيار الآن بالشراء او انتظار موعد التخفيضات المحدد سلفا والمعروف عند الجميع، اما ان توزع تصاريح التخفيضات طوال السنة وللتاجر اخذها متى اراد فهذا سبب من الاسباب التي تؤدي الى لخبطة السوق فبما ان جارك الذي بجانبك يبيع نفس الماركة والصنف بسعر مخفض فلن تجد بدا من عمل تخفيض اكبر حتى تحتفظ بزبائنك على الاقل ولا تفقدهم ويعمل الثالث نفس الشيء والرابع بالمثل وهذا يجعل السوق غير منظم ومرتبك وعشوائي التنظيم لأن كل واحد يعمل ما يراه دون الخوف من رقابة ولا مساءلة من أحد.
|
|
|