أجمل مايميز التجربة الابداعية هو الانشغال في بناء المفردة لذلك من الأجدى أن نغوض قراء ومبدعين في اعماق النص بدلاً من تهويمات النظرية والتنظير الخاوي أحياناً,ولكي لا أُنظِّر وأقع بما أحذر منه أنظر دائماً الى مقولات الناقد الفرنسي دولان بارت تلك التي تحاول الهرب دائماً من إسار النظرية والتنظير لتقارب بن القارىء والنص في فضاء علاقة حميمة خالصة تتم بها المتعة للقارىء، ويحقق النص ابعاده المعرفية.
وازداد دهشة لحظة ان اعرف ابعاد وجذور لذة النص هذه,, تلك التي تحرك في الذات لذتها واشتعالها فالمقولة قائمة منذ آلاف السنين إذ يعود اصلها الى الفيلسوف اليوناني أبيقورس (343 273) ق م وهو من فلاسفة ما قبل التاريخ والذي نادى بأن نستشعر اللذة في كل ابداع يقابلنا، أو نقابله,,, ليرثها في هذا العصر رولان بارت (ت 1980م) مستلهماً هذه المقولة في جل دراساته حول النص ولذته واحالاته.
نقف هنا على حقيقة تاريخية تؤكد ضرورة تأمل النص الابداعي من منطلق استشعار المتعة والفائدة على حد سواء دون ان نلتفت الى اقفاص النظريات، وحبائل المنظرين تلك التي تقود غالباً الى انفاق الدلالات المعتمة وتشطح بنا بعيداً عن مرامي المبدع ونصه.
يبقى شيء وحيد يؤكد حاجة النص الى النظرية يتمثل في قوتها على التعريف بالمنجز الابداعي وتقريبه الى الذهن دون الخوض في جدليات وحدسيات لاتضيف للقارىء نفوراً من القصة او القصيدة التي تبحث عن خلاص مناسب.
أبيقورس ورولان بارت وآخرون يؤكدون على سلامة نصٍ لا تلامسه النظرية ولاتعبث به بعض ادوات النقد الحادة والمثلومة,, لننادي جميعا اصدقاء النص، واحبته على ضرورة موت النظرية ليعيش النص وكاتبه وقارئه في مستوى واحد من الوعي تتوازى به حالة اللذة والألم لتكوِّن اللوحة الجمالية الهادفة والمناسبة لحظة اتمام قراءة اي نص ابداعي شقي به كاتبه أو قائله وذرف من بحيرة لواعجه هذه الدفقة النارية التي ترق عن مستوى التدوين البوحي المتأوه.
عبد الحفيظ الشمري