Tuesday 25th January, 2000 G No. 9980جريدة الجزيرة الثلاثاء 18 ,شوال 1420 العدد 9980



الرياض عاصمة الثقافة العربية لعام 2000م
حيثيات القرار,, ومؤهلات الاختيار
د,عبدالله بن سعيد أبو راس

في الثقافة، كما في السياسة، والاقتصاد، وحتى الرياضة، تتحدد أقدار الدول، وبالتالي ادوارها، تبعا لثقل كل دولة، وما تملكه من امكانات مادية وبشرية وروحية، وكذلك بمدى ما تحتله من مكانة على كافة المستويات.
أصدق مثال على ذلك قرار اختيار مدينة (الرياض) عاصمة للثقافة العربية عام 2000م.
لكن قبل ان نتطرق الى حيثيات القرار,, والاسس التي تم اتخاذه في ضوئها,, علينا ان نعود قليلا الى الوراء,, وبالتحديد الى بداية عقد التسعينيات الميلادية، لنستعرض اهم الاسس والمبادىء الفكرية التي تقوم عليها الخطة الشاملة للثقافة العربية التي صدرت في العام 1990م عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم,, ومن بين هذه الأسس:
1 حق الانسان في اكتساب الثقافة وفي حرية التعبير عنها والتمتع بها، فالانسان هو غاية كل تخطيط تنموي، والحرية شرط من شروط الانسانية.
2 عملية التخطيط التنموي عملية شمولية، والثقافة بعد اساسي من أبعاد التنمية الشاملة.
3 ان التراث الحضاري الاسلامي هو الركن الاساسي في تكوين الثقافة العربية، والنبع الاصيل فيها عقيدة وقيما وتشريعاً، وهو الذي يميزها عن غيرها من الحضارات الانسانية، فالعروبة والاسلام متكاملان ومتلازمان في الثقافة العربية.
4 ديمقراطية الثقافة، اي المشاركة الجماهيرية الواسعة في مجالي انتاج الثقافة أو الإفادة منها، باعتبار ان الثقافة تنبع من الجميع، وانها زاد.
5 قومية الثقافة، ومعنى ذلك ان الثقافة العربية واحدة موحدة وان التكافل القومي يزيد من قوتها وعطائها، وان لعتنا هي العربية.
6 عصرية الثقافة، بمعنى تحديد الثابت والمتغير في الثقافة العربية الحالية، واستيعاب تيارات العصر، ومواكبة تحولاته تحديثا وانفتاحا، مع الحفاظ على الاصالة والهوية الحضارية العربية،والقيم الروحية والفكرية للأمة.
7 انسانية الثقافة، بمعنى ان للثقافة العربية خصائص ومثلا وقيما وآفاقا قادرة على الاسهام في اقامة نظام ثقافي دولي جديد.
ويجمع المفكرون والباحثون على ان الثقافة العربية تظل واحدة من اعرق ثقافات الدنيا في الزمن، واوسعها امتدادا في المكان، واكثرها غنى في العطاء القومي والانساني على السواء، وانها كانت واحدة من ثقافات قليلة اخذت الصفة العالمية قبل هذا العصر الحديث، سواء في جمعها ثمرات الحضارات التي سبقتها وتمثلها، او في انتشارها وتجاوب قيمها ومفاهيمها لدى اكثر الشعوب المتحضرة في عهدها.
والثابت ان جذور الثقافة العربية قامت على الاسلام في المنطقة العربية عامة، وفي المملكة العربية السعودية بخاصة، وكان الموقع الجغرافي للشعوب العربية من جهة، واسلوب حياتها من جهة اخرى يؤهلانها منذ القديم للتفاعل والتعامل مع جميع شعوب العالم على السواء، وذلك عن طريق التجارة والتبادل التجاري اللذين كان العرب سادتهما قبل الاسلام وبعده، بموقعهم المميز على اطراف بحار الحضارات، الابيض والاحمر والهندي وأنهم اذا كانوا قد تأهلوا قبل الاسلام لهذا الدور العالمي في ثقافتهم، فقد حققوه على المستوى الارفع بعد الاسلام باقامة الثقافة العربية الاسلامية التي وسعت الدنيا الثقافية كلها معاً وفي وقت واحد، من خلال لغة واحدة هي اللغة العربية.
ونترك الخطة الشاملة للثقافة العربية,, لنسأل: لماذا اختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية عام 2000م؟,, وما هي حيثيات اتخاذ القرار؟!
بداية,, ان اختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية لعام 2000م، يؤكد للحضارة العربية الاسلامية,, وان ما شهدته هذه الارض المباركة على مدى حقب تاريخية طويلة من تطورات حضارية وفكرية قد اسهم في نشر الاشعاع العلمي والثقافي والفكري في اكثر من مجال، ولا غرو فالمملكة موطن ظهور اعظمن دين شهدته البشرية، وانبل رسالة علمية وانسانية على مر التاريخ.
كما ان هذا الاختيار يأتي تتويجا للنهضة التعليمية والثقافية الكبرى التي تشهدها المملكة، تلك النهضة التي غرس بذورها القائد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، يرحمه الله، وتعهدها بالرعاية من بعده ابناؤه البررة ملوك المملكة العربية السعودية، حتى بلغت اوج ازدهارها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز يحفظه الله الذي خطط وارسى دعائم التطور والانطلاق لهذه النهضة التعليمية والثقافية عندما تولى منصب الوزير الاول للمعارف منذ اكثر من سبعة واربعين عاما.
والرياض,, عاصمة المملكة العربية السعودية,, تتوفر فيها كل المقومات التي تؤهلها لان تكون عاصمة للثقافة العربية,, ليس لعام 2000م فحسب,, بل لاعوام عديدة قادمة.
من الرياض انطلق الملك عبدالعزيز منذ اكثر من مائة عام ليرسي دعائم تجربة وحدوية فريدة في التاريخ الحديث,, وليؤسس الكيان الشامخ (المملكة العربية السعودية) بكل ما يمثله هذا الكيان من دور ريادي فاعل، ومكانة عربية واسلامية مؤثرة.
ولم يكن هذا الكيان الشامخ مجرد اسم في سجل البلدان,, او مساحة فوق خريطة العالم,, بل اصبح وجودا روحيا وثقافيا وفكريا وانسانيا مؤثراً,, بفضل ما توفر له من حكمة القيادة,, وسلامة النهج,, وما يملكه من ثروات مادية وبشرية هائلة.
وتتعدد الاسباب,, وتتنوع الحيثيات:
تنامي الحركة الثقافية والادبية والفكرية في المملكة,, وتزايد اعداد الكتب، والاندية الادبية,, وجمعية الثقافة والفنون وفروعها,, ودارة الملك عبدالعزيز,, ومكتبة الملك فهد الوطنية,, ومكتبات الجامعات خصوصا مكتبة جامعة الملك سعود بالرياض,, ومركز الملك عبدالعزيز التاريخي,, والمهرجان الوطني للتراث والثقافة وفعالياته الثقافية المتميزة,, ثم جائزة الملك فيصل العالمية,, ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية,, انها كلها مصادر ثقافية تهيىء للمواطن والمقيم مصادر ثقافية متميزة قل ان نجد لها مثيلا.
سؤال آخر يتعلق بالجزء الاول من المقال:
أليست هذه الحيثيات والاسباب التي أهلت (الرياض) كي تكون عاصمة للثقافة العربية لعام 2000م هي التجسيد الحي للأسس التي تقوم عليها الخطة الشاملة للثقافة العربية؟!
ثم,, أليس هذا الاختيار اجماعا عربيا على مدى ما وصلت اليه النهضة الثقافية والفكرية في المملكة,, وما تملكه من تراث حضاري ورصيد ثقافي وفكري يجعلها جديرة بأن تكون عاصمة للثقافة العربية,, لسنوات عديدة قادمة؟!

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

ندوة الاوقاف

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الخدمة المدنية

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

لقاء

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.