Tuesday 25th January, 2000 G No. 9980جريدة الجزيرة الثلاثاء 18 ,شوال 1420 العدد 9980



شدو
إعلانات واتجاهات!
د, فارس الغزي

يشيع في الغرب انواع عدة من البحوث الاجتماعية دافعها الفضول العلمي وهدفها سبر غور ما استجد من ظواهر وسلوكيات انسانية وبالتالي التنبؤ ومن ثم السيطرة على ما قد يستجد من جرائها من سلوكيات سلبية,
ومن ضمن تلك البحوث ما يعرف بUnobtrusive Research والذي يعني بعجالة قيام الباحث بملاحظة ظاهرة اجتماعية في مجتمع ما من دون المشاركة بل من دون معرفة او تعاون الشخص المبحوث, هذا وقد تبوأ استخدام هذا النوع من البحوث ذروته في الستينات والسبعينات ميلادية واستطاع الكثير من العلماء من خلال تلك الطريقة دراسة الكثير من سلوكيات الناس من خلال مراقبتهم في أماكن عملهم او التنقيب عما يستهلكون من سلع غذائية او كماليات الى درجة البحث عما يلقون من مخلفات سواء حيث يسكنون أو من خلال نزهاتهم ورحلاتهم على الشواطىء,, ومن ثم استقراء شخصياتهم وأنماط سلوكياتهم,, وهلم جرا.
دعونا نطبق هذا النوع من البحوث بقراءة بعض من إعلانات جزيرتنا ، ومن ثم استقراء مدلولاتها الآنية والمستقبلية: بادئ ذي بدء خذوا اعلان هذا الرجل الذي كنى نفسه فقط بأبي محمد , انه وكما يفيد إعلانه بصدد بيع خط تلفوني فما كان منه إلا أن أضاف رقم جواله جنبا الى جنب مع كنيته الآنف ذكرها, ماذا يفيدنا هذا الإعلان بصيغته المجردة إنسانيا؟! هنا مجرد استخدام الكنية فقط ورقم الجوال دليلان على أن علاقتنا الاجتماعية، وكنتيجة طبيعية لعوامل التطور والذي هو الانتقال من طور الى طور قد انتقلت من علاقات مباشرة الى علاقات ثانوية غير مباشرة.
هنا أصبحت السلعة، أولا وأخيرا، هي الهدف، مما يوحي لنا، بالتالي، بأمرين: أولهما أن مفهوم الحراج بصيغته الانسانية القديمة! قد تطور وأصبح تكنولوجيا! ثانيهما: ان أيام أول قد راحت! ، وهي الأيام التي كان أجدادنا فيها يبيعون السلعة الى أحدهم فقط لينفقوا ما استلموا من نقود منه على ضيافته وإكرام وفادته، خصوصا عندما يكون أجنبيا : أي ليس من أهل القرية!
بل ما رأيكم في ذلك الشخص الذي أعلن عن حاجته لجهاز جري يمارس الرياضة من خلاله في أروقة بيته؟! ما الذي نستطيع استشفافه من هذا الاعلان القصير جدا؟! ألا تعتقدون اولا ان هذا الشخص بدين؟! وانه بالتأكيد يملك سيارة قد حرمته من نعمة المشي؟! وأن ما حول بيته من مساحات قد لهفها! العقاري مما، بالتالي، قلّص فرصة هذا الرجل للعدو او المشي واضطره الى التوجه للعدو في بيته كهربائيا !
بل ما رأيكم بهذا الإعلان الذي تسلّح صاحبه بمبيد حشري وصرح بأعلى صوته إعلانيا! بأنه على أتم الاستعداد للقضاء على كل النمل والحشرات التي تجوب أجواء منازلنا جيئة وذهابا!!
ماذا يفيدنا هذا الإعلان؟! بل ماذا يعني تكاثر النمل وغيرها من الحشرات على الرغم من أن الانقراض في عصرنا هذا هو القاعدة وليس الاستثناء؟! القراءة الوحيدة لظاهرة اللجوء على إبادة النمل عن بكرة أبيها! هو الاختلال البيئي الناجم عن التوسع العمراني والصناعي وو,, حيث إن تكاثر النمل هنا يعتبر بالاحرى ظاهرة تنموية وإن كانت سلبية حيث إن التنمية ونقيضها: التخلف وجهان لعملة واحدة: بمعنى آخر: لكليهما من السلبيات قدر ما لهما من الايجابيات.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

ندوة الاوقاف

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الخدمة المدنية

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

لقاء

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.