وهم المسافة بدر بن عبدالمحسن عبدالله الزازان |
12
ليس هنالك شاعر على الإطلاق تحار في أمره غير بدر بن عبدالمحسن فبدر يكتب الشعر لا لكي يقرأ أو يسمع ولكن لكي يتأمل,, اقرأ:
ما اكذب عليك,, البارحة شافوك,.
رعشة هدب لفتة,.
البارحة شافوك,, في النوم الذي عفته
وما حد يقول,, شافك معي مرة
طيفك متى,, يكفيني من شرَّه
وتأمل ذلك القول العجيب:
(البارحة شافوك,, في النوم الذي عفته)
هذا (الشوف) الذي يقصده بدر ليس رؤية حقيقية ولكنه (شيف) في ذلك (النوم الذي) عافه الشاعر فكان هذا الطيف ملازما للنوم فحينما غاب النوم (شيف) عند الآخرين.
بدر بن عبدالمحسن يقول كلاماً يقلب الرأس والعجيب انه شعر ولذلك فإن بدراً ليس شاعراً فحسب ولكن يتملكه حس فلسفي خارق قد يستطيع إنسان (ما) أن يتصور الأشياء تصوراً خيالياً ولكن لا يستطيع أحد أن يركب الخيال الخرافي تركيباً شعرياً، من يستطيع أن يفكر في هذه الصورة النادرة:
الله يعلم اني حاولت
أسند على كفي السما
واناظر الشمس
اشرب عن عيونك ظما
اشرب ظما الشمس
أو قوله:
أعرفها زين وانا,.
لا شفتها ولا جيتها
وقد يقول أحد إن ذلك شيء مألوف فإن الكثير من المغرمين (يعرفون) حتى ولو لم يشاهدوا أو يروا ولكن بدر يقصد شيئاً فوق ذلك هو يدري أنه يمكن لإنسان (ما) أن يتآلف مع آخر حتى ولو لم يره ولكنه لا يقصد هذا وانما أراد ان يعبر عن الغموض المزدوج فكأن بدراً في معظم أبياته يريد أن يؤكد على شيء اساسي وهو أن الشعر ما هو إلا حالة فوق الجنون وفوق الخيال وفوق العبقرية.
|
|
|