Tuesday 25th January, 2000 G No. 9980جريدة الجزيرة الثلاثاء 18 ,شوال 1420 العدد 9980



العمل التطوعي ,, لماذا؟ 3 - 4
الطبيعة القانونية للمنظمات التطوعية
د, حسن عيسى الملا

في مقالين سابقين عن العمل التطوعي، تبين للقارىء المراحل التي مر بها العمل التطوعي وهياكله التنظيمية مثل المؤسسات الخاصة والجمعيات الخيرية، والجمعيات الخيرية ذات النفع العام، ولما كانت صفة التطوع هي الصفة الملازمة لعمل هذه المنظمات، فلقد آثار هذا التطوع إشكالات قانونية من حيث القانون التي تخضع له هذه المنظمات التطوعية، وما هو وضع المتطوعين القانوني.
من المتفق عليه ان المنظمات التطوعية تستهدف جميعها النفع العام مثلها مثل مؤسسات الدولة العامة، الا انه من حيث التكييف القانوني تمهيداً لاخضاعها للاختصاص الثانوني والقضائي، فان الفارق بينهما كبير، حيث تصنف المنظمات التطوعية من حيث المبدأ ضمن اشخاص القانون الخاص، وتصنف مؤسسات الدولة العامة ضمن اشخاص القانون العام، ولا مجال في هذا المقال لبحث الاثار القانونية المترتبة على ذلك الاختلاف، لكنها بكل تأكيد آثار كبيرة، فكل منها يخضع لفرع مختلف من فروع القانون، الا ان ما يلتصق بموضوعنا هذا هو ان التميز بين النوعين امر يدق كثيراً في غير قليل من الحالات، وخصوصا عندما يعترف المشرع للمنظمة التطوعية الخاصة بالصفة العامة.
وقد سبق لي ان بيت ان لائحة الجمعيات والمؤسسات الخيرية السعودية لا تعرف النوع الثالث من المنظمات التطوعية الخاصة ذات الصفة العامة، بينما هي موجودة على ارض الواقع, اما في مصر مثلا فقد نظم قانون الجمعيات المنظمات التطوعية ذات الصفة العامة واطلق عليها مسمى (الجمعيات ذات الصفة العامة) واعتبرها ذات صفة عامة ما دامت تهدف الى تحقيق مصلحة عامة، شريطة ان يصدر قرار من الرئيس المصري باعتبارها كذلك.
والمهم في الموضوع ان ثبوت الصفة العامة للجمعية يكسبها بعض الحقوق والسلطات التي تتمتع بها مؤسسات الدولة، مما خلق الحيرة لدى المهتمين في تحديد طبيعتها القانونية وهل هي صارت في عداد الاشخاص الاعتبارية العامة تخضع للقانون العام والقضاء الاداري، ام لاتزال شخصيات اعتبارية خاصة تخضع للقانون والقضاء العادي، أم هي مكان وسط بين النوعين؟
واذا كانت هذه المنظمات التطوعية ايا كان تكييفها القانوني تعمل بواسطة متطوعين، فهل الفرد المتطوع عندما يقدم خدماته التي دون مقابل من خلال جهاز اداري، خدمة للجهاز الاداري نفسه او للمواطنين من خلاله، انما يمارس عملا اداريا في طبيعته مثله في ذلك مثل الموظف العام؟
لقد كان الاتجاه السائد في فرنسا يعتبر الجمعيات جميعا، ما كان منها ذو نفع عام ام لا، اشخاصا خصوصا تخضع لاحكام القانون الخاص، الا ان القضاء الفرنسي وهو يتصدى للمنازعات التي تكون هذه الجمعيات طرفاً فيها، لم يستطع تحقيقا للعدل، الا الاعتراف لبعض تلك الجمعيات بالصفة العامة، واعتبارها بالتالي اشخاصا عامة ومن ثم اخضعها لاحكام القانون الاداري.
اما في مصر فان محكمة القضاء الاداري اعتمدت في التمييز على معيار الخضوع لاحكام قانون الجمعيات والمؤسسات, فما كان منها خاضعا لهذا القانون ولو كان ذا نفع عام، اعتبرته شخصا خاضعا للقانون الخاص والقضاء العادي، وبالتالي فقد قضت بان الاتحاد العام لرعاية الاحداث لا يخضع للقضاء الاداري، ولا تعتبر قراراته ادارية، كما ان موظفيه لا يعتبرون موظفين عموميين، على الرغم من صفة النفع العام والسلطات العامة الممنوحة له.
الا ان المحكمة الادارية العليا في مصر قد عدلت من هذا الاتجاه نسبيا، فأخضعت الجمعيات ذات النفع العام لاحكام القانون العام، لكنها من حيث الاختصاص القضائي لم تخضع قراراتها للقضاء الاداري، ما لم يكن هناك نص صريح من المشروع يضفي عليها صفة المؤسسة العامة.
اما في بلادنا فاننا نلحظ مثلا ان نظام جمعية الهلال الاحمر السعودي قد نص صراحة على خضوع موظفيه لنظام الخدمة المدنية وهي اشارة الى اعتبار الجمعية شخصية عامة ذات صفة عامة مثلها مثل المؤسسات العامة، لكن الامر غير محسوم بالنسبة لجمعيات اخرى عديدة ولجان اغاثة وجمع تبرعات تتمتع بسلطة عامة.
وإذا كانت الطبيعة القانونية للمنظمات التطوعية قد اثارت كل هذا الاختلاف في تكييفها القانوني، فان التكييف القانوني ل(المتطوع) يثير مسألة غاية في الحساسية، فالمتطوع اثناء ادائه لعمله، قد يخطىء وقد يضر بالغير، ثم انه قد يؤذي نفسه وقد يفقد بسبب تأديته لعمله التطوعي، فإذاً نكون قد ظلمنا ورثته وعاقبناه على تطوعه بدلا من ان نجازيه بالحسنات احسانا، وفي المقابل فان تكييف المتطوع بأنه شخص عام (موظف عام) اثناء تأديته لعمله التطوعي يوفر له ولافراد اسرته الحماية القانونية التي يتمتع بها الموظف العام اثناء تأديته لعمله، فضلا عن التعويضات في حالة الاصابة او الموت.
إن العمل التطوعي في بلدنا، مرشح للزيادة والتوسع، لزيادة الطلب عليه وانتقاله من مرحلة الحاجة الى مرحلة الضرورة، فالمرافق الصحية مثلا بحاجة ماسة الى عددكبير من المتطوعين لخدمة المرضى المحتاجين لرعاية اجتماعية الى جانب الرعاية الصحية كما هو الحال في الدول التي سبقتنا الى تنظيم العمل التطوعي، وهؤلاء المتطوعون بحاجة الى نظام يقنن عطاءهم ضمن اطار يحدد حقوقهم وواجباتهم يحفزهم ويشجع غيرهم على الحذو حذوهم، دون مخاطر تنعكس سلبا على مبادراتهم الانسانية.


رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

ندوة الاوقاف

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الخدمة المدنية

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

لقاء

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.