Tuesday 25th January, 2000 G No. 9980جريدة الجزيرة الثلاثاء 18 ,شوال 1420 العدد 9980



منوهين باهتمام الدولة وحرصها على حماية الأوقاف وتنميتها
الزيد : الوقف نظام اقتصادي فريد لتوفير متطلبات الحياة الكريمة
السبيهين : من أهم منافذ تحقيق التكافل في المجتمع الإسلامي وجهود المملكة فيه واضحة

* أكد عدد من المسؤولين في وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد ان دولتنا المباركة تحرص منذ تأسيسها على المحافظة على الاوقاف وحماية غلالها وتنميتها وصرفها في مصارفها الشرعية مما حقق لها النمو والازدهار، والذي يتجلى فيما نشاهده من بروز للاوقاف والنهوض بمشروعاتها في جميع أرجاء المملكة.
كما أوضح المسؤولون في احاديثهم بمناسبة انعقاد ندوة الاوقاف التي تعقد في رحاب مكة المكرمة ان تعطيل سنة الوقف المباركة في هذا الزمن كان له أثر كبير في ضعف المجتمعات الإسلامية من النواحي التعليمية والدعوية والاجتماعية، وان الأوقاف تحفظ للبلاد أصول أموالها ثابتة وسليمة على مر الدهور والاعوام مما يمكن معه الاستفادة من تطويرها ونفع الاجيال القادمة وتلبية حاجات المجتمع.
ونوهوا في هذا الصدد بجهود وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد في العمل على تنمية موارد الاوقاف وتحقيق الاستثمار الامثل لها، وحث الموسرين من أفراد المجتمع للاسهام في مجالات الاوقاف الحديثة بتوجيه مباشر ومتابعة مستمرة من معالي الوزير الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ.
الوقف سنة مباركة
فقد تحدث وكيل وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله العمار مبينا ان للوقف الخيري اهمية عظيمة، فهو سنة مباركة، وهو يرجع إلى الاحسان الذي هو اصل اسلامي عظيم، واستدل فضيلته على شرعية الوقف من كتاب الله في قوله سبحانه: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم).
وقال الشيخ العمار: والوقف نظام اسلامي اصيل يستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية، وكما قال الامام الشافعي: لا أعلم أن أحداً حبس قبل الإسلام ، ولذا سارعت الامة الاسلامية طوال تاريخها إلى الاوقاف ولجميع الاحوال.
واضاف قائلا: وأهمية احياء هذه السنة هو دعوة المسلمين إلى التراحم والتعاطف والتعاون وإحسان بعضهم إلى بعض، يقول الله تعالى: (وتعاونوا على البروالتقوى) ويقول: (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض)، وقد ارتبطت الاوقاف في المجتمعات الاسلامية بأهم الاهداف النبيلة التي سعت إليها وقدمت أداة فعالة لتحقيق هذه الاهداف,.
ولهذا لما سمع أبو طلحة بهذه الآية أوقف بستانه بالمدينة بيرحاء الذي هو احب امواله إليه على وجوه البر ابتغاء مرضاة الله.
وأوضح الشيخ العمار في حديثه ان الوقف الاسلامي له اثر عظيم عند المسلمين، ولا ينحصر اثره في البر والاحسان على الاهل او غيرهم من الاقارب والفقراء والمساكين، وإنما اهميته الكبرى تظهر في دوره في نشر الدعوة إلى الله، وما تمنحه الاوقاف من فعالية للتعليم ونشره.
التعليم ونشر الدعوة
وقال فضيلته: وهناك وقفيات خصصها اصحابها لطلاب العلم، وأخرى للفقهاء، وغيرها للمؤسسات التعليمية وتعليم البنات، والذي يدرس تاريخ الامة الاسلامية الاجتماعي يعرف ما للوقف من دور كبير في هذه المجالات، بل ان تعطيل الوقف في هذا الزمن كان له اثر في ضعف المجتمع الاسلامي من النواحي التعليمية والدعوية والاجتماعية.
والأوقاف كان لها دور اسلامي في الحفاظ على نشر الدعوة الاسلامية، والدعوة في حاجة في هذا العصر إلى اوقاف تدر عليها وتسيرها، وإلى من يقوم بها، وخاصة ان الوسائل الدعوية تحتاج إلى بذل وعطاء، والوقف يكون مصدرا ثابتا لمثل هذه الاعمال الدعوية.
وأردف الشيخ العمار بقوله: فإقامة الدورات والملتقيات وطباعة الكتب وغيرها من الانشطة التي يحتاجها الداعية، تحتاج إلى وقف دائم له ريع يدر على مثل هذه الاعمال الدعوية، والدعوة الاسلامية في تاريخها ومسيرتها قد استفادت كثيرا من الاوقاف، وهذا ما نشاهده في بعض الانشطة التي تقوم بها في جميع انحاء العالم.
رافد قوي للاقتصاد
وحول امكانية الوقف الخيري يقول العمار: الاوقاف يكون لها شكل ايجابي بدعم الاقتصاد وتنمية المجتمع لانها تحفظ ثروة البلاد، وبقاء اعيان هذه الثروة دون ان يلحقها بيع او رهن يجعل هذه الاموال ثابتة، كما انها تقوم بدور فاعل في تنمية المجتمع، فقد اسهمت في تقديم الخدمات التي تهم المجتمعات الاسلامية، من حيث ان ريع هذه الاوقاف يكون له دور في التعليم والتكافل ومساعدة الارامل، وذلك مما ينمي المجتمع ويحقق الطمأنينة والامن للجميع.
كما ان الوقف يمكن ان يسهم في محاربة البطالة عن طريق تأسيس مؤسسة تدريب على اعمال ومهن يحتاجها المجتمع، وإنشاء مؤسسات لتشغيل الخبرات الفنية والعمالة في عمل مفيد للمجتمع.
ثم قال فضيلته: مما لاشك فيه ان الوقف يدعم الاقتصاد، بل هو رافد قوي له من حيث انه يبقي هذه الاموال الموقوفة سليمة ومتجددة على مر الدهور والاعوام لنفع الاجيال القادمة، ونفع المستحقين باعانتهم على تلبية حاجاتهم، وذلك لما فيه من عمارة البلاد،وكذلك رجوع الوقف على الاولاد في المآل إلى وقف خيري مما يزيد من موارد البلاد.
وقد انشئت بأموال الواقفين المؤسسات العلمية والصحية الراقية، وعني الواقفون بوقف الكتب للمكتبات العامة وأروقة المساجد حيث اسهمت بقدر كبير في نشر العلم والمعرفة، كما شملت مجالات متعددة منها المجال الديني والتعليمي والاجتماعي.
نظام اقتصادي فريد
ومن جهته اكد وكيل وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد المساعد لشؤون المطبوعات والنشر الدكتور عبدالله بن أحمد بن علي الزيد ان الوقف الخيري نظام اقتصادي فريد، فهو يساهم في توفير وسائل الحياة الكريمة ويسهل الحصول على متطلبات الحياة من غير ان يهدف الى الربح المحض، ولهذا حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم ورغب فيه، وكان قدوة لاصحابه في وقف بعض الاموال، حتى حكى بعض العلماء انه لم يبق احد من الصحابة إلا وقف من ماله شيئاً.
وقال : ومن هنا يتبين اهمية هذا النظام في المجتمع المسلم، وضرورة توعية المجتمع لاحياء هذه السنة المباركة وبيان الايجابيات التي تترتب عليها، خاصة ان لهذه الامة تجربة ناجحة في وقت ازدهار الحضارة الاسلامية حتى كان الوقف مرتكزاً لكثير من نشاطات المجتمع العلمية والثقافية والتعليمية والاجتماعية، بل كان الوقف مصدراً لقيام الكيان الاجتماعي في بلاد الاسلام.
واضاف الدكتور عبدالله الزيد قائلا: ولهذا تأتي اهمية بيان مميزات الوقف وأهدافه للمجتمع الحاضر لكي نعود به كنظام اقتصادي يساهم في تنمية المجتمعات الاسلامية فيتحقق بها امتثال التوجيه النبوي الكريم، وقيام هذه السنة لتؤدي دورها في المجتمع، ويتوفر تبعا لذلك كثير من متطلبات العصر الذي طغت فيه المادة على كثير من مناحي الحياة حتى اصبحت المادة هي المحرك الرئيسي لكثير من نشاطات البشر بل صار لها دور كبير في قيام الدول واضمحلالها.
مصدر مستمر لدعم الدعوة
وعن اثر الوقف في نشر الدعوة الى الله يقول د, الزيد: ان نشر الدعوة إلى الله يحتاج إلىمواد مالية تؤمن ما تحتاج إليه الدعوة من نشاطات، وما يتطلبه العمل الدعوي من وسائل وأساليب، وما يحتاجه من اعداد وعدة، والوقف من اهم المصادر المالية التي ينبغي توظيفها لدعم مسيرة الدعوة وتوفير ما تحتاجه من امكانات وقدرات، كيف وعمل الدعوة وظيفة الانبياء والرسل ودعمها وتوفير ما تحتاجه يعتبر من اهم مقاصد الصدقة الجارية التي يتقرب بها العباد الى الله تحقيقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث,,, وذكر منها صدقة جارية التي يعتبر الوقف ركيزتها الاولى، بل فسر بعض العلماء الصدقة بأنها الوقف.
ثم قال الوكيل المساعد لشؤون المطبوعات والنشر: ولاشك ان وسائل الدعوة في العصر الحاضر كثرت، وتيسر الكثير من السبل المقروءة والمرئية والمسموعة، وكلها تحتاج إلى الدعم المالي لتوظيف تلك الوسائل في خدمة الدعوة وبيان رسالة الاسلام للناس من خلالها، وتوعية المجتمعات الاسلامية للمحافظة على معتقداتها، وتطبيق الشريعة على كل فرد منها، بل وإشعار كل فرد بأهمية تطبيقه شخصيا لشعائر الاسلام في نفسه وماله ومن تحت ولايته، والوقف يعتبر انفع المصادر المالية لدعم هذه النشاطات إذا احسنت إدارته على الوجه الذي يحقق الغرض منه ويضمن استمراره، فإن استمرارية العطاء من الوقف تضمن استمرارية العمل الذي يقوم عليه، والدعوة إلى الله وتوعية المجتمعات دعوة مستمرة باقية ما بقيت المجتمعات، فالوقف من اهم سبل دعمها واستمرارها.
تجربة ناجحة
وعن سؤال حول كيفية امكان الوقف الاسهام بشكل ايجابي لدعم الاقتصاد وتنمية المجتمع اجاب د, الزيد بقوله: إن الحاجة الى الاقتصاد هي من اجل توفير متطلبات المجتمع وما يحتاج إليه من خدمات دفاعية وتعليمية وصحية وغذائية واجتماعية وغيرها، فإذا وظف الوقف للقيام بهذه الاحتياجات وأديت بواسطته كلها او بعضها كان ذلك من اهم وسائل دعم اقتصاد اي مجتمع، ووجه الاقتصاد المتوفر لحاجات اخرى تساهم في تيسير سبل الحياة الكريمة وتوفر وسائل اخرى من وسائل العيش الرغيد، وقد تحقق في عصور ازدهار الاسلام مثل ذلك، ولهذا نمت الحضارة الاسلامية نمواً منقطع النظير في كثير من المجالات، وذلك شاهد حي لهذه النظرية، وقد كان التطبيق تجربة ناجحة، فحري بنا في هذه العصور ان نستفيد منها مرة أخرى وان نعيد هذه التجربة بالوسائل الحديثة التي هي بلاشك ستكون اكثر ايجابية وادعى الى توفير كثير من الموارد الاقتصادية، ومن الجانب الآخر أكثر كفاءة في توفير المتطلبات الدفاعية والتعليمية والاجتماعية وغيرها.
الوقف عبر العصور
وتحدث الامين العام لمسابقة القرآن الكريم بوزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد الاستاذ عبدالعزيز بن عبدالرحمن السبيهين، موضحا ان اهمية احياء سنة الوقف الخيري تعود إلى مكانته العظيمة في الاسلام، حيث ان رسولنا الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم قد أرسل بالهداية والبشرى والدعوة الى التوحيد وإقامة المجتمع الاسلامي المتكافل.
وأضاف قائلا: ولقد تضمنت الشريعة الاسلامية جميع القواعد والوسائل التي تؤدي إلى اقامة مجتمع اسلامي متكافل، متضامن، مترابط كالجسد الواحد، ففرضت الزكاة وفتحت منافذ شتى للتطور في الصدقات والهبات والتبرعات ومن ذلك الوقف الخيري.
وأكد السبيهين ان هذه السنة الحميدة سنة الوقف الخيري قد برزت في جميع عصور الدولة الاسلامية، وكان للوقف دور رائد في بناء المجتمعات وتسيير امور الحياة العملية فيها من تنظيم اماكن العبادات والتعليم والصحة، والعناية بالبيئة، ورعاية الفقراء والمحتاجين، والاطعام والسقيا، إلى غير ذلك من انواع العناية بالمجتمع.
وأفاد الاستاذ السبيهين بأنه مما لوحظ مع ضعف وتفكك الدولة الاسلامية ان قلت اهمية الوقف، وذلك بسبب ضعف المجتمعات واهمالها لتلك السنة، كما ساعد على ذلك ايضا الفترة الاستعمارية التي رانت على كثير من الدول الاسلامية.
ثم قال الامين العام لمسابقة القرآن الكريم: وحينما قامت الدول الحديثة، هيمن على تفكير المجتمعات ان الدولة وحدها هي المسؤولة عن القيام بواجبات المجتمع بشكل مباشر وساعد على نشوء تلك الفكرة مباشرة الدولة في كثير من الدول وبنسب متفاوتة لمسؤوليات تنمية المجتمع، وتنظيم الحياة فيه بشكل مباشر، مما نتج عنه الاهمال التدريجي لدور الافراد والمؤسسات، وبالتالي لجميع انواع الوقف.
ويرى الاستاذ السبيهين انه لاحياء هذه السنة المباركة يلزم سلوك عدد من السبل من اهمها:
1 توعية المجتمع وأفراده بمكانة هذه السنة المباركة ودورها المجيد في بناء المجتمع وآثارها على الافراد الدينية والدنيوية.
2 تحديث انظمة الوقف وهياكله الادارية.
3 تحديث العنصر البشري العامل في مجال الاوقاف عبر استقطاب التخصصات المناسبة، وتطوير الموجود منهم من خلال الدورات التدريبية المتخصصة.
4 المحافظة على التجهيزات الفنية والمكتبية المستخدمة في انجاز اعمال الاوقاف.
5 جذب العاملين في مجالات الاوقاف بالحوافز الشخصية من خلال تنمية الوعي الديني لديهم اولا، ثم الاستفادة من ثمرات جهودهم على هيئة مكافآت او اي امتيازات اخرى تشملهم وتشمل اسرهم كالتعليم والعلاج مثلا.
6 ملاحقة الفساد الاداري بشكل مستمر متى وأينما وجد لاي حركة فساد اداري.
7 اعتماد السبل العلمية والاحصائية في ادارة الاوقاف وخدمتها مما يساعد على النهوض بها في المجتمع وابرازها أمامه بشكل مثير وجذاب لينتبه لها وينساق إليها.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

ندوة الاوقاف

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الخدمة المدنية

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

لقاء

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.