قام الدين الحنيف على الاعتدال، وكانت أمة الاسلام أمة الوسط,, وعلى هدي المنهج الرباني القويم المنزل على الرسول الأمين والرحمة المهداة للعالمين حارب الاسلام الغلو والتنطع وجميع مظاهر التطرف الذي قامت بأدواره والتدثر بعباءته على مر العصور تلك الفرق الضالة والمنحرفة مثل الخوارج والجهمية والقدرية وغيرها,, وكان شعار اهل السنة والجماعة ومبدؤهم دائماً وأبداً وعلى مر القرون هو انه لا افراط ولا تفريط في منهج عقيدتهم وتطبيقها في مناحي الحياة بخلاف أهل الديانات الغابرة من الذين فرطوا أو غلوا,, لأنه ما كان للغلو من موضع وظهور الا كان لإبليس لعنه الله نصيب في غواية أصحابه من المغالين والمتنطعين الهالكين,, وللإمام العلامة ابن القيِّم رحمه الله وصف دقيق ورؤية صائبة في اقتران إبليس بأهل الإفراط والتفريط ومما قاله رحمه الله: ومن كيد عدو الله إبليس أن يشم قلب العبد فإن رأى عنده قوة إقدام وعلو همة قلل عنده المأمور وأوهمه أنه لا يكفي وأنه يحتاج معه إلى مبالغة، وإن رأى الغالب عنده الانكفاف والإحجام ثبطه عن المأمور وثقَّله عليه حتى يتركه أو بعضه وفي هذا المعنى قال أحد الشعراء:
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد
كلا طرفي قصد الأمور ذميم