دقات الثواني عاصمة الثقافة: الواقع والآمال د, عائض الردادي |
يوم السبت الماضي (16/10/1420ه) انطلقت فعاليات الاحتفال بالرياض عاصمة للثقافة العربية لعام 2000م، وحق للرياض أن تكون عاصمة للثقافة بالمفهوم العام لكلمة الثقافة، فهذه المدينة قدَّمت نموذجاً للوحدة العربية حين انطلقت منها بذرة وحدة الجزيرة العربية في تلاحم اندمجت فيه الأقاليم والسكان في وحدة وطنية ارتكازها على الإسلام، ولسانها العربية، وتطلعها إلى التطور، وعينها على أمجادها.
وأصبحت الرياض التي كانت قرية من بيوت طينية عاصمة كبرى، فيها أحدث ما وصل إليه العلم في مختلف فروعه، فيها الجامعة ذات المستوى العالي، والمستشفى المتخصص، ومركز البحوث المنظم، والمكتبات الشاملة، وفيها ملعب الكرة وميدان سباق الخيل وقرية الجنادرية التراثية، والفنادق العالمية والطرقات الفسيحة، فيها كل ذلك وما سيأتي أكثر، لأن الأمن والاستقرار إذا دعمه خطط تنموية وبذل للمال سيؤتي ثماراً كما تساقط النخلة تمرها حلواً على من استظل بها.
في الرياض مراكز علمية إن لم تساو مثيلاتها في الدول المتقدمة فهي أعلى منها، من مثل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في بحوثها العلمية، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في مجاله، ومكتبة الملك فهد الوطنية في مرصودها الثقافي والوطني، ودارة الملك عبدالعزيز في وثائقها الوطنية، وقس على ذلك مراكز البحوث والمكتبات في جامعات المملكة ومؤسساتها الأكاديمية وغير الأكاديمية.
أكثر من (63) جهة حكومية وأهلية لديها أكثر من (470) نشاطاً منوعاً ستشهدها المملكة احتفاء باختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية، وهي حفاوة جديرة بها الرياض التي تمثل رمزاً للوطن أرضاً وسكاناً.
إن واقع الثقافة واقع ملموس وسيلمسه الناس أكثر من خلال التغطية الإعلامية لهذه المناسبة المهمة، ولكن التطلعات لما بعد الاحتفال وما سينتج عنه هي ما تستشرفه آمال أبناء المملكة، مؤملين ان ينتهي العام واحتفالاته بخطة ثقافية تشكل صورة المستقبل الثقافي المتطور لبلادنا، ومنها أن توجد وزارة للثقافة تعنى بشؤونها وبخاصة شؤون الكتاب وانتشاره، وان تلم هذه الوزارة شتات الإدارات الموزعة الآن بين عدة جهات هي وزارة التعليم العالي، ووزارة المعارف، والرئاسة العامة لرعاية الشباب (فيها 3 جهات لخدمة الثقافة هي الأندية الأدبية، والنشاطات الثقافية والجمعية السعودية للثقافة والفنون) والحرس الوطني والرئاسة العامة لتعليم البنات ووزارة الإعلام ووزارة الشؤون الإسلامية (المكتبات الوقفية).
إن رعاية الثقافة موجودة، ولكنها تحتاج إلى جمع شتاتها، وعسى أن تكون هذه الاحتفالية مناسبة وطنية لجمعها تحت ظل جهاز واحد يعنى بأمور الثقافة ومنها الآثار الوطنية قديماً وحديثاً التي لم تلق العناية الملائمة مع مكنوز بلادنا منها.
إن الآمال كبيرة في أن يتجاوز الاحتفاء بالرياض عاصمة ثقافية مظاهر الاحتفال إلى رسم صورة لمستقبل الثقافة تكون عبارة عن خطة وطنية ثقافية يرسمها مثقفو بلادنا ويكون من بينها مولد وزارة الثقافة التي تتطلع إليها آمال ابناء الوطن ومثقفيه بصفة خاصة، لتضع هذه الوزارة خطوط العناية بالشؤون الثقافية ثم تمارس رعايتها لكل فروع الثقافة حديثة وتراثية.
|
|
|