ما تزال مشكلات الترجمة تلقي بظلالها على الساحة الثقافية والادبية والفنية فقد عبر المترجمون عن احساسهم بالظلم من التجاهل المستمر لما يبذلونه من جهد وعطاء في مجال نقل الثقافات الاجنبية الى اللغة العربية، وانتقد المترجمون عدم الاعتراف بأهمية دورهم في فتح نوافذ للقارئ العربي على أمهات الادب العالمي ونقلها له.
جاء ذلك خلال ندوة اقامتها الجمعية المصرية لهواة المسرح مؤخرا بالقاهرة، وشارك فيها عدد من النقاد والادباء الذين التقوا حول عدد من مشكلات الترجمة من العربية وإليها والمسرح العالمي والثقافات الاجنبية وكيفية الحفاظ على الهوية العربية.
الفردية والعشوائية
* د, مصطفى ماهر استاذ اللغة الالمانية حاول الرد على اتهام البعض للمترجمين بالعشوائية والفردية التي تسود عملهم من حيث اختيار الادباء واختيار النصوص، فأكد ان المترجمين متطوعون احسوا بالتزام نحو ثقافة البلد الذي تعلموا لغته والتزام اكبر نحو اللغة العربية والقارئ العربي وحاولوا ويحاولون جهدهم اثراء الثقافة العربية من خلال عملهم الذي يقومون به تحت ضغوط صعبة أهمها عدم التقدير الادبي والمعنوي لهذا الجهد واعتبارهم مجرد ناقلين لا يدخلون في عداد المبدعين رغم ان الترجمة الامينة لعمل واحد جيد تضيف للثقافة العربية اكثر من تأليف عشرة اعمال غير جيدة، والمترجم حينما يعشق أديباً او عملاً معيناً يترجمه لتعم فائدته وبالتالي فهي بالفعل عملية فردية والعمل الفردي يحكم الترجمة لغياب العمل المخطط في هذا المجال.
ودعا د, مصطفى ماهر لاعادة النصوص المترجمة واتاحتها لكل قارئ عربي لكي تؤتي ثمارها التي ترجمت من اجلها ولمعرفة ما تمت ترجمته من نصوص والاضافة إليها لنصل إلى ترجمة كاملة لكل النصوص الجيدة من خلال مواصلة الاجيال الجديدة من المترجمين للجهد والعمل في هذا المجال.
ضعف عربية المترجمين
* د, فاطمة موسى استاذ الادب الانجليزي بجامعة القاهرة أشارت إلى ضرورة وضع خطة للترجمة للاقتصاد في جهود المترجمين، خاصة واننا في القرن الجديد وتتوافر لنا من الوسائل الحديثة واجهزة الحاسب الآلي ما يمكننا من حصر الترجمات واعادة طبع الجيد وتنقيح غير الجيد منها والتنسيق بحيث تتم ترجمة نصوص جديدة تعطي ابعادا جديدة للثقافة الغربية ولا تقتصر على بلد بعينه او اديب دون غيره.
وشددت د, فاطمة على ضرورة تحسين طريقة تدريس اللغة العربية في المدارس واعادتها لسابق مكانتها كلغة اساسية يتعلم من خلالها التلاميذ العلوم والتاريخ والا يقتصر تدريسها عليها فقط كمادة واحدة، لان اجادة المترجم للغة العربية اساس لترجمة صحيحة موثوق بها، والمستوى المتدني لبعض المترجمين الآن راجع بالاساس لضعفهم وعدم اهتمامهم باللغة العربية.
ونبه الناقد فتحي العشري الى ضرورة انقاذ الترجمة من خلال انشاء هيئات خاصة بالترجمة في جميع الدول العربية تراجع النصوص ولا تخرج الا الصالح منها وان يتم التنسيق بين هذه الهيئات فلا يترجم النص اكثر من مرة في اكثر من دولة ويكفي ترجمة واحدة جيدة للنص الواحد يتم تداولها بين الدول العربية، وان تختص هذه الهيئات بالقضاء على مشكلات الترجمة المادية والمعنوية بالحفاظ على حقوق المترجمين ومحاولة المساواة بين الكتابة والترجمة والنقد لان الكاتب والمترجم والناقد اعمدة ثلاثة للحركة الادبية لا يستقيم اي منها بدون الآخر، فالمترجم يقدم للكاتب تجارب تثري مخيلته وتنقله إلى عالم ارحب فيبدع ويقدم تجربته الخاصة التي يقوم الناقد بتقييمها من خلال الاسس العلمية للنقد بما يحقق في النهاية اثراء للثقافة العربية.
وفي ختام الندوة لفت الناقد والشاعر د, علاء عبدالهادي الانتباه إلى ضرورة مضاعفة الاهتمام بآداب أوروبا الشرقية وافريقيا وامريكا اللاتينية وتوجيه جهود المترجمين للترجمة من هذه الآداب البكر التي مازلنا لم ننتفع بها ولم نعطها حقها وموقعها الصحيح على خريطة الترجمة، فعلينا ان نبادر ونحاول فتح نافذة على هذه الاداب مع الابقاء على نافذة الاداب الغربية التي كادت تغلق هي الاخرى لاستمرار التفاعل مع الآخر بما يسهم في معرفته وفهمه.
سامي القمحاوي