لأول مرة في تاريخ اسرائيل منذ قيامها في 15/مايو/1948م على أرض فلسطين المغتصبة، يعلن المتحدث باسم رئيس الكنيست البرلمان عن ان المجلس سيبدأ الاسبوع المقبل مناقشة غير مسبوقة لقدرات اسرائيل من الأسلحة النووية.
ولكن هذا المتحدث ابراهام بورج قال: ان المسؤولين في الكنيست لم يتفقوا على المدى الذي يمكن ان تصل إليه تلك المناقشات!
وهذا هو الاعتراف الأكثر وضوحاً من جانب اسرائيل بامتلاكها أسلحة نووية,, بعد ان ظلت طوال عمرها 52 سنة إما تنكر أو تتجاهل التعليق على التقارير التي تحدثت وما زالت الى وقت قريب، تتحدث عن امتلاكها لقنابل نووية قدرت بنحو 200 قنبلة أو أكثر!
المعروف ان اسرائيل ظلت طوال السنوات الماضية تناقش المسألة النووية في جلسات سرية في البرلمان او الحكومة دون ان يصدر عنها اي تصريح او تلميح بشأن تلك المناقشات,, وما يهمُّنا كعرب ان نعرف الآن وأكثر من أي وقت مضى كيف نتعامل مع حقيقة ان اسرائيل دولة نووية، وأنها أول دولة في المنطقة تُدخل هذا السلاح من أسلحة الدمار الشامل.
وتزامن هذا الاعلان في القدس المحتلة مع تحذير مندوب مصر الدائم لدى جامعة الدول العربية أول أمس من انهيار جهود السلام في الشرق الأوسط بسبب رفض اسرائيل تخلّيها عن سياسة التهديد النووي لدول المنطقة,, وقال ان امتلاك اسرائيل لمائتي قنبلة نووية يقف عقبة في طريق السلام الحقيقي والتطبيع الكامل للعلاقات مع العرب .
ونعتقد انه لم يعد مجدياً الآن ان نطالب المجتمع الدولي ممثلاً في الوكالة الدولية للطاقة الذرية او مجلس الأمن الدولي ممثلا في لجنة نزع السلاح التي بدأت أول أمس اجتماعات في جنيف، لم يعد مجدياً المطالبة بالضغط على اسرائيل حتى تتخلى عن أسلحتها النووية.
كما لم يعد موضوعياً القول بأن تطالب أي جهة دولية بالسماح لها بالتفتيش على المنشآت النووية في اسرائيل التي اعترفت أخيراً جهاراً نهاراً بامتلاك السلاح النووي وستبدأ الاسبوع المقبل مناقشة ما تملكه من هذا السلاح.
المجدي عربياً ان تتجه الدول العربية التي تملك قدرات علمية في مجال التسلح نحو انتاج نفس السلاح الرادع، لأن اسرائيل لم تنتجه وتمتلكه لمجرد التباهي بقدرات علمائها الذريين، وإنما أنتجته وامتلكته لكي تجعلنا نحن العرب نتفاوض معها حول السلام تحت تهديد سلاحها النووي.
وليس أدل على ذلك من أنها، أي اسرائيل، وبدون مناسبة، أعلنت بلسان رئيس برلمانها عن مناقشة قدراتها النووية الاسبوع المقبل، وهو الاسبوع الذي سبقه اسبوعان وتليه أسابيع من المفاوضات معها حول عملية السلام في المسارين الفلسطيني والسوري ومعنى الاعلان عن مناقشة القدرات النووية هو اظهار العين الحمراء للدول العربية في هذه المرحلة الدقيقة من عملية السلام التي لم تحرز أي تقدم لا في المسار الفلسطيني ولا في المسار السوري، ولا المسار اللبناني المتحد مع السوري.
ولذلك نعتقد ان المليارات من الدولارات التي تنفقها الدول العربية في مجالات أخرى لا قيمة أو أهمية لها في نظر اسرائيل خصوصاً في ادارة الصراع معها، يجب ان توجه المليارات من الدولارات نحو التسلح الرادع الذي يجعل اسرائيل تفكر ألف مرة قبل ان تضغط أحد أزرار سلاح من أسلحة الدمار الشامل التي تملكها.
ان الدول العربية حتى الآن التزمت بجميع المعاهدات الدولية الخاصة بتدمير وعدم انتاج او شراء أسلحة الدمار الشامل، واحترمت توقيعاتها على تلك المعاهدات، الأمر الذي استغلته اسرائيل في مواصلة انتاج كل أسلحة الدمار الشامل بما في ذلك القنبلة التي وصفت بالعنصرية التي تقتل الانسان العربي دون اليهودي!!
وهذا ما يوجب على الدول العربية ان تعيد النظر في مواقفها من مسألة التزود بأسلحة الدمار الشامل ما دام تحت يد اسرائيل منها الكثير الذي تهدد به الأمن القومي العربي، بل وحتى الوجود العربي كله.
الجزيرة