قال تعالى: والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم سورة الحشر: 10.
ان من ثمرات الايمان ما لا تحيا الامة الا به، ولا ينجح مصنع ولا عمل الا به، ولا يتحقق نصر ولا ظفر الا بوجوده، ولا يخذل عدو ويهزم الا اذا تحقق في الامة، ذلكم هو الحب في الله، حبا صادقا عمليا يقوى بقوة الايمان بالله، ويضعف بضعفه، لانه وليد التدين الصادق والايمان الحي الخالص، فهو يوجب نصح الاخ ومساعدته وبره ومعونته وانصافه ورحمته، بل حبك للناس الناشىء عن الايمان الحق قد يتسامى ويرتفع حتى يبلغ حد الايثار على النفس، فيجعلك تجوع ليشبع الجائع، وتعرى ليكتسي العريان، وتختار الموت لتؤثر غيرك بالحياة، وهذا من عرى الايمان، هذا الحب القوي العارم الذي ولد الإيثار بأغلى شيء وهو الحياة لانه نشأ عن ايمان وفهم عميقين، فهمه اولو الايمان من مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم : لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .
ومن مثل قوله: ان اعظم عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله .
وقوله: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا اد لكم على شيء اذا فعلتموه تحاببتم؟ افشوا السلام بينكم .
وحين طبق السلف الصالح هذا المبدأ الاسلامي رأينا مجتمعا مثاليا قل وجوده او قل عدم وجوده على الارض، مجتمعا متعاطفا متراحما كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، ذهبت منه الاحقاد، واختفت فيه الضغائن، سما أهله، وعلا أصحابه، فلله درهم فهموا مقصود رب العالمين من وحيه ومراد نبيهم من سيرته وحديثه فنالوا خيري الدنيا والآخرة.
وكم يتأوه المؤمن ألما وحسرة ان يندثر هذا المبدأ في نفوس المسلمين اليوم الا من رحمه الله، المسلمون يذبحون في كل مكان ولا نصير او يستغيثون ولا مجيب ويئنون ولا صارخ انه ضعف الايمان وضآلة جذوته في النفوس اللهم اصلح احوال المسلمين وارزقنا حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا الى حبك آمين.
وكيل قسم القرآن بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية