بعيداً عن كل الاجتهادات والتحليلات التي صدرت عن العديد من الكتاب وخبراء الشرق الاوسط، سواء في الولايات المتحدة أو في اسرائيل وحتى في بعض الدول العربية، من ان موقف المفاوضات السورية الاسرائيلية موقف تكتيكي من قِبل طرفي التفاوض، ففي رأي أولئك المحللين أن امتناع السوريين عن الذهاب الى واشنطن بهدف الضغط على الامريكيين والاسرائيليين معاً لإعلان الالتزام بمبدأ الانسحاب من هضبة الجولان حتى خطوط الرابع من حزيران عام 1967.
ولكي يحصل السوريون على التزام اسرائيلي وامريكي بالانسحاب الى خط حدود ما قبل حرب 1967، اقدم السوريون على تعليق المفاوضات، وبرأي المحللين أولئك ان هذا الموقف السوري موقف تكتيكي محصور بانتزاع اعتراف اسرائيلي امريكي.
هذا الرأي رغم وجاهته من الناحية التفاوضية، الا أن المتابع للموقف السوري والفاهم للمبدأ الذي ينتهجه السوريون في مسألة الصراع العربي الاسرائيلي، وما سبق هذه المفاوضات والأسس التي تم على أساسها استئناف المفاوضات الحالية والتي كتبت عنها بعد العودة من باريس.
أقول من يعرف كل ذلك يرى ان امتناع السوريين عن تواصل المفاوضات بعد نشر وثيقة العمل الامريكية، موقف متوقع، لأن السوريين ما كان لهم أن يوافقوا على استئناف المفاوضات منذ توقفها كل تلك المدة ما لم يكونوا قد حصلوا على تعهدات ووعود بانسحاب الاسرائيليين حتى حدود الرابع من حزيران عام 1967، وهو ما كانوا يسمونه باستئناف المفاوضات من حيث انتهت، والذي يعرفه الجميع أن اسحاق رابين قبل وفاته قد تعهد خطيا للأمريكيين بذلك، وهو ما يريده السوريون، فتأتي الوثيقة الامريكية وتجعل هذه القضية محل تفاوض لابتزاز السوريين لانتزاع تنازلات تتعلق بالمياه وقضايا التطبيع وغيرها وهو ما تظهره وثيقة العمل الامريكية ولذلك، ولكي يقطع السوريون كل محاولات الابتزاز وأن تكون المفاوضات واضحة ومحددة النقاط كان موقفهم بتعليق المفاوضات حتى تعود لمسارها الذي على أساسه وافق السوريون على استئنافها.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com