اذا كان الانسان هو الكائن الحي الذي يحمل الهم ويشعر بالاهتمام، واذا كان هذا الهم وذاك الاهتمام يختلف ويتباين من شخص لآخر في حقيقته ومضمونه، وفي توجهه ومجاله، فان هناك هما مطلوبا ومرغوبا، واهتماما ساميا وعاليا لا تدفعه حرارة العاطفة، ولا تسيره شدة الرغبة، ولا يحركه غليان العصبية, هما يتعدى في مضمونه محيط الذات، ويتجاوز في مجاله حظوظ النفس، يتطلع الى مجال اوسع، وفضاء ارحب يبعث على التفاعل والفاعلية، أعم نفعا، وأكثر عطاء، وأشمخ بناء، وأسمى غاية، يحمل هم الفرد والمجتمع، ويهتم بالقضية، ولا يهمل الامة، هما صادقا وبناء يقض المضجع، ويدمي الفؤاد، ويقلق الضمير، يحمل الما واملا، يحافظ على الماضي، ويهتم بالحاضر، وينظر الى المستقبل بناء متكاملا ومتماسكا يشد بعضه بعضا, لاهما معاكسا ومغايرا او اهتماما ساذجا ومترفا يدور حول حدود الذات ويتوقف عند حظوظ النفس ويطوف حول سفاسف الامور ويتنحى عن معاليها، فيغفل الفرد والمجتمع ويهمل الحاضر، ويهمش المستقبل, لاهما يستنزف المال، ويهدر الوقت والجهد، ويستنفر الحواس ويستنفد الطاقات دون ان يشيد بناء، او يقطع طريقا، او يحقق املا او مطلبا، ودون ان يحقق غاية او يصل الى هدف, ان الامل بالله كبير ان يتجه جل هذا الهم ويتوجه.
ذاك الاهتمام الى غد باسم مشرق يسوده الامن والاطمئنان، وتتحقق فيه الآمال والاحلام، غد تغيب عنه الآلام، والاحزان، وتكبح فيه جاح عدو غاشم، غد يسوده السلام والوئام، والمحبة والاخاء، ويتحقق به النصر والعزة، ويسوده الأمان والاستقرار، غد تتحقق فيه آمال امة هي اعز الامم واعظمها، وترفرف فيه راية الاسلام خفاقة في جميع ارجاء المعمورة، فليس ذلك على الله بعزيز وشكرا جزيلا.
علي المغيولي
عنيزة