7
أتدرين أني بكِ كالمدى أنتشرُ دون أن يَحدَّني شيءٌ؟
وأنني بك كالنُّور أتسلل إلى حيث لايمنعني حاجزٌ دون أكون؟
وانني بك حسٌّ لكلِّ من يحسُّ، ونبضٌ لكلِّ من ينبض، وبسمةٌ لكلِّ من يَسعد،
ودمعةٌ لكل من يَدمع,,.
حديثي معكِ شجونه لاتنقطع ومداه لاينتهي،
وأنتِ هناك,,.
لا تدرين كيف تحوَّل الحديث معكِ إلى أحاديث الآخرين مع بعضهم,,.
ذلك لأنكِ تمنحين,,, تعطين,,, لا تتوقفين,,.
أنتِ النور الذي يأتي والذي يعود، والذي يعود ثم يأتي,,, والذي لايخفت ولاينتهي,,, لأنك النبع,,, والنبع الذي لاينضب,,.
تُبحرين دوماً معي,,.
لا أكلُّ من الحديث معكِ,,.
تسمعينني,,, ولا تجيبين إلا عندما تأتيكِ دموعي تترجَّلُ عن صهوتها؟
أنتِ فارسةٌ، ولأنكِ كذلك,,, الأرض ليست موطئكِ، أنتِ تعتلين دوماً وتسمقين,,.
سَمعتكِ وانتِ تخاطبين القمر,,.
وسَمعتكِ وأنت ترسلين ثرثرتك إلى الثريا,,, وهناك حيث تُخوم النجوم كنتِ ترسمين للقمر مداره، وللثريا خيمتها,,,، وعندما طلبتِ إليهما أن يهجعا,,, كان القمر قد عرف انه لا ينافسك ضياءً، كما عرفت الثريا أنكِ تنافسينها موقعاً,,.
تنثرين في حروفك البهاء,,.
وأنتِ لست كتلةً من الرحيق، ذلك لأن الزهور منكِ تستمد الرحيق، تلك الفراشة التي وقفت على حافة النهر، وساءلته عن بكاء النَّوارس، حطَّت عند مفترق الطرق التي لَملمَتِها في مروركِ، فالتحمت درباً واحداً، كانت تلك الفراشة تنقل للدرب بذور النُّمو في جذوة الضوء الذي أرسلتِه معها,,.
اللُّجة التي شابهت الصَّرح,,, استقت منكِ شفافيتها,,.
وهناك التحم النهر باللُّجة بدمع النَّوارس,,, وانطلقت معزوفة أنتِ من كوَّنَ إيقاعها,,, وشكَّلَ مقاطعها,,.
يانغماً ماتكرر,,,، ولوناً تفرَّد بالجمال والإبداع.
الله وحده الذي أودع فيكِ سرَّكِ,,,، وأنتِ وحدكِ كيانٌ لا يتكرر.
تدرين أن وجه الحياة يظل جميلاً بكِ,,, رغم كلِّ الذي انطلق ليستقر فوقه ويُغير فيه حتى الصوت والصدى واللون والحركة؟
بكِ أنت يظل لهذا الوجه صوته، وصداه، ولونه، وحركته,,,،
تقولين كنتِ ما قال شاعرٌ رحَّال بأن كلَّ الكلام مُعاد ، وكنتِ تقولين:
لاتوجد لغة تعبِّر عما أودُّ ,,.
أتدرين بأنكِ حقيقة كل لغةٍ يمكن أن تعبِّر، ولاتعيد، وتُبدع، وتتجدَّد؟ ولا تُعاد؟
وتقول وتقول؟,,.
إنني بكِ اقول، وبكِ أعبّر، وبكِ لا أنضبُ أبداً,,.
أنتِ وحدكِ
ولكِ وحدكِ
وبكِ وحدكِ,,.
اللغة، تكون، وتكون، وتكون,,.
أنتِ وحدكِ اللغة التي أعبِّر بها عنها,,.
ولك وحدكِ تكون اللغة التي تتجدد، وتحتوي كلَّ الذي يمكن أن يأتي منكِ لكِ,,.
وبكِ وحدكِ تكون اللغة التي تقول وتقول وتقول,,.
وتكون الأشياء، والألوان، والرؤى، والأصوات، والأصداء، والأفعال،
بكِ,,.
ولأنكِ الفعل,,.
فإن حركة الحياة بكِ تحيا,,.
كنتِ هنا,,, أو كنتِ هناك.
في الغياب والحضور والغياب
تحضرين,,, ياسيدة الحضور والنور.
د, خيرية إبراهيم السقاف