الناقد الدكتور مسعد العطوي الصحافة الشللية وهيمنة بعض الاتجاهات الأدبية أضعفتا النقد الادبي |
ان الهاجس الفكري يكمن في احاسيس كل عاقل ومتدبر لكنه يضحي رهين الاحلام السرابية حتى يقدح زنده النقد ولا ريب ان النقد هو روح الثقافة، وملهب الفكر، ومفتق ينابيعه، وهو الغذاء المؤدي الى ظمأ الفكر الدافع اليه الى ان يهطع مسرعا لينهل من معين العلم نهل الهيم ومن ثم يزداد الفكر وعيا، والأدب ابداعا ويسمو جمالا.
والنقد هو قمر المبدعين او هو الشمس شديدة الحرارة للمبدعين ,,, وتنير المعايير الجمالية,, وإن كان ضرورة حتمية للمبدعين فإنه سراج يهتدى به المتلقون, حتى النقاد اذا لم يُنقدوا فلا حياة لهم ومن هنا ظهر نقد النقد.
وحين نتساءل عن دور النقاد في عالم اليوم بل في بلادنا على وجه التخصيص فإننا نجد ان هناك عناصر لها دورها الفاعل في القضية المطروحة ومنها:
ان النقد التأليفي ذي المدى الطويل يسير مواكبا للعمل الابداعي، ولنأخذ الرسائل الجامعية التي كتبت عن الأدب السعودي فهي كثيرة في جامعاتنا ولا نكاد نعثر على شخصية لها مكانتها الادبية الا وكُتب عنها, لكننا نعترف انها لا تجاري السرعة الصحفية، والصحافة لم تأخذ بهذا الرافد ولا بالابحاث التعليمية الأخر، فلم تكتب عن هذه الكتب والرسائل ولم تنقل بعض فصولها وتشطرها الى مقالات مفيدة لكنني لاجعله حكما عاما قاطعا فإن بعض الاساتذة الذين لهم حظوة صحفية, تنشر ابحاثهم وكتبهم كاملة فمن لنا بصحفي يشفع لنا؟!
ومن عوامل ضعف النقد ميل النقاد المثقفين الى التأني في احكامهم النقدية, ورغبتهم في منهجية النقد وعلميته وتحليله واستنباطه، وهذا لا يواكب الصحافة, كثير من النقاد تضعف علاقته بالصحافة والصحفيين فلا يعرفهم ولا يعرفونه, ولا يقدم الى دور الصحافة، فإذا ما اندفع ليخوض غمار التجربة تجد ان مقاله لا قبول له او يأخذ حيزا منزويا, فيكون الاحباط.
الصحافة لا تعنى بالنقد الموضوعي وان كان صريحا، وإنما تبتغي النقد الذي يطري ويغري، وتنأى عن الناقد الذي يرصد ويكشف, ولاسيما ان كثيرا من المبدعين لهم علاقة بالصحافة والصحفيين، فإذا لم يجعل المبدع فارسا في امسية شعرية او قصصية فالفارس المبدع يتعملق بفعل الاصدقاء والناقد تظلله الاستار والستائر، بل يتجاوزونه في صحفهم او يتعرض للهمز بل يحرم من الدعوات للقراءات النقدية من هنا من يجرؤ ان ينقد ما عدا اولئك المجاملين لشريحتهم في الاتجاه الفني.
لا قبول للرأي المخالف إنما يريدون مواكبة الرأي الذي يدعى إليه لاسيما في الفكر التربوي، فأنت لا تجد قبولا لرأي يدعو الى الرهبة والعقاب في التربية حين لا تجدي الرغبة, بل اذا ما اخطأ الاب في التربية او العقاب تسلطت الآراء المثيرة على جميع الآباء بل على كل حزم والتزام، حتى زعزعوا من ثقة الآباء الحازمين بفكر شككوا الآباء في انفسهم كما مسخوهم امام اولادهم، وغيرها من القضايا التربوية والاشد منها القضايا الاجتماعية، التي تمس مسا ولا تجس جسا ولا قدرة على التمحيص والتحليل في ميادينها, وأهون من ذلك الرأي النقدي الادبي مع تفاوت القبول النقدي في اتجاهاتها.
* هيمنة الشللية على الصحافة فأنت تجد كاتبا يمتد عموده الى عشرات السنين فكأنه اطول من عمر نوح بل قلة من الكتاب يستحوذون على صحيفة واحدة أمد الدهر، وإن جداولهم لم تتأثر بالامطار فهي دائمة الفيضان في الحر والقر في الصحو ومع السحب, هذا لا يسقط كتابة بعض العباقرة ولاسيما من امتد بهم العمر الثقافي، وخاضوا التجارب مثل مصطفى امين في عموده المختصر جدا فإننا فقدناه بعد رحيله وقليل هم أمثاله وهناك من يذكي مقالاته بالنقول المفيدة، وهناك من يبرز قضية اجتماعية، فهؤلاء يجدون لهم قبولا.
* هيمنة بعض الاتجاهات وكثير من انصارها من الشباب الذين لا ينصفون الاتجاهات الاخرى، ولا يحاولون طرح الاتجاهات الادبية في مسارات متماثلة حتى تبرز المفارقة، وتتعدد المشارب والموارد، كيما يتكاثر الوارد، وفي السابق ينادي اصحاب الفكر الحديث بقبول الرأي الآخر، ونجدهم الآن في ظل بلوغهم المآرب لا يقبلون الرأي الآخر بل يغيبونه عن صحفهم,فالذي نبتغيه هو اتاحة الفرصة للاتجاهات الادبية ما دام ان جلها لا يخالف الدين ولا العقل وتلتحم في لغة فصيحة واحدة, فالعاقل لا يتبرم بهذه المخالفة.
الصحف لم تحاول طرح قضية نقدية امام المختصين، او تدعو الى نقد ديوان شعر، او قصيدة شعرية او قصة طويلة أو قصيرة او مجموعة قصصية، او كتاب من الكتب كي تبرز فكر أبناء البلاد، فنحن ندرك ان هناك جلسات ادبية في الصحف حول عدد من المفكرين في بلدانهم حتى في البلاد العربية, فلعلنا نرى مثل هذا.
|
|
|