اكتملت الاستعدادات لانطلاق فعاليات الرياض عاصمة الثقافة لعام 2000م والتي دأبت العواصم العربية على التناوب عليها مؤخراً لتعميق التواصل الثقافي بين مثقفي الوطن العربي الكبير,, ولعل من الملفت في هذا العام الذي يأذن ببدء الالفية الثالثة كما يسميها البعض كرمز لمدى ما وصلت اليه الحضارة الانسانية من تقدم ان يأتي متزامناً مع ما يشهده الشرق العربي من مخاض سياسي واقتصادي في آن واحد,, فمشاريع التسوية تكاد تفرش جناحيها على ارض الواقع,, وقضايا التنمية والمياه تلح بظهورها فضلاً عن حقوق الاقليات والانفتاح الاقتصادي.
لقد تعودنا من الخطاب السياسي العربي من زمن بعيد على ان نعمل العقل والامكانات في مجال واحد ونؤجل باقي مشروعات التنمية والتطوير الى ما بعد ذلك فكم مرة تكررت نغمة ان دول المواجهة في حالة حرب مع اسرائيل منذ 1948م وحتى الآن وان اي حديث عن تنمية ومواكبة للعصر الغرض منه صرف الامة عن مواجهة العدو المتربص بها,, واذا بالعدو الآن يصبح نظيراً على طاولة المفاوضات وان ما تم صرفه من مليارات الدولارات على التعبئة والتسليح لم يعد له اي قيمة,, فالمعركة لم يكسبها العرب مع اسرائيل والمؤسف اننا لم نخضها مع التنمية والتقدم في حين ان اسرائيل تحقق فائضاً مستمراً في ميزان مدفوعاتها!!.
اردت من ذلك الاشارة الى ان لدى مدينة الرياض العامرة بالمال والأعمال فرصة مؤاتية لأن تصنع تطويعاً للثقافة العربية تجاه القضايا الملحة,, فقد آن الأوان بان لا نكتفي في المهرجانات الثقافية العربية بالوقوف على الأطلال والتغني بالأمجاد ونبعث الأمل في نفوس اذلها الحصول على رغيف الخبز واسرها توفير متطلباتها الضرورية,, فكم سيكون رائعاً ان نستثمر هذه التظاهرة الثقافية في دعم وتنشيط تبادل الكتب والمراجع وفتح المزيد من دور النشر العربية في مختلف العواصم العربية وتسهيل تبادل وانتقال المعلومات بين الدول العربية كما هو الآن مع الدول الغربية ودعم مشروعات الترجمة والتأليف في جميع الحقول,, فالثقافة اصبحت لها اجهزة واسواق تقوم على رعايتها وتسويقها عبر شبكات الانترنت وغيرها,, بدلاً من ان تبقى رهينة كتب تتلون بعوامل الزمن والتعرية.
سعود بن عبد العزيز اليمني
رئيس قسم الإعلام بغرفة الرياض