لا شك ان صحة الانسان تأتي في الاهمية على قائمة الاولويات لأي حضارة انسانية وتعد من المعايير التي يقاس بها تقدم الامم, ولا شك اننا ما زلنا نتخلف عن الغرب في الخدمات الصحية كما في بقية الشؤون الحياتية بمراحل, ولهذا فليس لدينا وللاسف الا الغرب لننهل من علومه وتجاربه فقد يأتي اليوم الذي نعتبر به ونبدأ نقلده فيما ينفعنا في حياتنا، لهذا اطلب من القارىء العزيز معذرتي في الرجوع دائما الى الحضارة الغربية وبالاخص الامريكية في كثير مما اكتب في هذه الزاوية وليس ذلك اعجابا بتلك الحضارة ولكن لكون الولايات المتحدة الامريكية تتربع على قمة التقنية والتقدم المادي.
ومن اهم خصائص الحضارة الغربية ايمانها بالتخصص ولهذا لا غرابة ان نرى تخصصات قائمة بذاتها في مجال علوم معلومات العناية الصحية والتطبب والمستشفيات, وهذا التخصص هو دراسة كيفية تجميع البيانات عن جميع الاطراف التي لها علاقة بالعناية الصحية ومن ثم تخزينها ومعالجتها من اجل انتاج المعلومة المناسبة لاتخاذ القرار الاداري او القرار الطبي المناسبين، او من اجل انتاج المعلومة المساعدة على المستوى التشغيلي في تقديم الخدمة المناسبة للمرضى او من له علاقة بالعناية الصحية, ولهذا فلابد للمناهج في تلك التخصصات من تغطية جميع العوامل الداخلة في معادلة العناية الصحية مثل المعلومات التي يحتاجها الاطباء وهيئة التمريض والفنيون والاداريون، كذلك معلومات المريض والمعلومات ذات العلاقة بالجهات الخارجية مثل المؤسسات الحكومية والمؤسسات الاخرى ذات الاهتمام الواحد, ولابد للدارس من معرفة التقنية التي تقوم بتجميع كل هذه البيانات ومعالجتها وانتاجها بالصورة الملائمة للمستفيد ألا وهي تقنية المعلومات مثل الحاسبات وملاحقتها وشبكات الاتصال وغير ذلك, كذلك ما يستلزم ذلك من دراسة طرق تجميع البيانات وتحليلها وتصميم النظم المناسبة للقطاع الصحي ودراسة البرمجيات وعملية التشغيل والصيانة, ومن المواد التي يجب ان يدرسها الدارس على سبيل المثال لا الحصر مواد عن صحة المجتمع والبيئة والعلوم والمصطلحات الطبية ونظم معلومات المستشفيات وتقنيات الحاسوب والاتصالات وتحليل وتصميم النظم الصحية وادارة العناية الصحية والمستشفيات والعلاقات الشخصية.
ان الهدف من ايجاد مثل هذا التخصص هو تخريج متخرجين فاعلين مطورين وباحثين, كذلك تخريج اداريين يعرفون كيف توظف المعلومة من اجل تحسين العناية الصحية, ولكون مفهوم العناية الصحية يشمل كثيرا من الخدمات مثل الطب العلاجي والوقائي والعناية المنزلية وصحة المجتمع والبيئة والصحة المهنية والعناية المستمرة واعادة التأهيل وخدمات الاطباء وخدمات كثيرة، لهذا فإن وجود آلية لتسهيل الاتصال وانسياب المعلومات بين كل هذه الخدمات يعد شيئا حيويا، وهذا ما تقوم به تقنية المعلومات ويدرس في هذا التخصص, ويعمل المتخرجون بعد التخرج كمصممي او محللي نظم او كباحثين او اداريين او مستشارين.
وفي هذا البلد المبارك يوجد لدينا حسب علمي على الاقل كلية واحدة تابعة لجامعة الملك سعود كلية العلوم الطبية واتوقع ان لديها او يفترض ان يكون لديها تخصص يعتني بعلوم المعلومات الطبية وتقنياتها, الا ان النهضة الصحية في هذا البلد والتي اصبحت من التطور بمكان حيث اصبحت مزارا لكل محتاج للاستطباب من الدول المجاورة، يجعلنا في حاجة الى اكثر من كلية متخصصة في العلوم الطبية ومعلومات العناية الصحية بمفهومها الشامل وليس الطب العلاجي فقط.
mmshahri*scs.org.sa