Wednesday 19th January, 2000 G No. 9974جريدة الجزيرة الاربعاء 13 ,شوال 1420 العدد 9974



د/ محمد الكثيري
بالرغم من ذلك
رأي صناعي يحتاج إلى وقفة تأمل

يرى أحد رجال الأعمال الذين يشار إليهم بالبنان في المجال الصناعي بالذات أن الصناعة يجب ألا تعامل مثل التجارة فيما يتعلق بعملية احلال العمالة المواطنة محل الوافدة, ويبرر ذلك الصناعي رأيه الذي طرحه في مؤتمر رجال الأعمال الذي عقد مؤخرا في مدينة الرياض بأن عدد العمالة في الصناعة قليل جداً مقارنة بالتجارة مما يعني عدم استحقاق ذلك العدد لنفس الاهتمام من السعودة الذي يحظى به نظيره في المجال التجاري، ولو كان رجل الأعمال هذا طرح سبباً يدعوه الى المطالبة بالتركيز على التجارة دون الصناعة في قضية التوظيف غير العدد كسهولة العمل التجاري مثلاً لهان الأمر ولما اضطررنا للتعليق على ذلك الرأي,, أو لو نادى بضرورة التفريق بين صناعة وأخرى عند المناداة بالسعودة لكان معه الحق، إذ انه لا يمكن أن نتصور أن ينخرط الشباب السعودي في صناعة تتطلب وقوف العامل بالقرب من فرن حار أو أمام آلة شاقة بنفس النسبة عندما يكون العمل في مكان مريح أو أمام جهاز لا يحتاج إلى كثير عناء، أما أن يكون عدد العاملين الحاليين في الصناعة مجال دعوة لعدم الاهتمام بسعودة وظائفها فإن ذلك أمر يحتاج الى وقفة حيث يبدو أن هذا الرأي يقوم على فرضية مفادها أن صناعتنا بلغت نموها من حيث الكم والكيف وبالتالي لم تعد قادرة على استيعاب أكثر من العدد الذي تتولى توظيفه حالياً وهو بالمناسبة قرابة 281 ألف عامل، ولكن هذا الافتراض لم يأخذ في الحسبان ان صناعتنا القائمة والمتمثلة في حوالي 3131 مصنعاً تعاني من مشكلة تتمثل في عدم الاستغلال الكامل للطاقة الانتاجية، حيث تبين بعض الدراسات ان الكثير من مصانعنا لا تستغل سوى 40% من طاقتها الانتاجية ويعزى ذلك القصور الى ضعف اداري وتسويقي لدى تلك المصانع، مما يعني ان تلك المصانع لو استطاعت القضاء على مشاكلها ومن ثم زيادة طاقتها الانتاجية لتمكنت من استيعاب ضعف ما تستوعبه حالياً من العمالة.
نقطة أخرى وأظنها جوهرية هنا وهي أن مصانعنا القائمة بمحدودية عددها وصغر حجمها ومع افتراض ان لديها القدرة على الانتاج بكامل طاقتها الانتاجية لا تمثل طموحنا الصناعي، فبلد مثل المملكة بموارده الطبيعية وازدياد نموه السكاني وموقعه الجغرافي وأؤكد هنا الموقع الجغرافي يجب أن يطمح إلى صناعة مستقبلية تفوق ما يتوفر له حالياً نوعاً وعدداً، مما يعني خلق فرص وظيفية في الكثير من المجالات الصناعية المختلفة.
نقطة ثالثة وهي أن نمو الصناعة يؤثر في الغالب على حجم التجارة القائم على الاستيراد مما يعني ان بعض الوظائف التجارية ستتقلص ويحل بدلاً منها وظائف ذات علاقة بالتصنيع الداخلي,, ويرتبط بهذه النقطة قدرة الصناعة في المساهمة في تطوير بعض الأنشطة والمجالات الأخرى ذات العلاقة بقدرة تفوق التجارة مما يعني أن مساهمة الصناعة في التوظيف لن تقتصر فقط على المجال الصناعي بل ستمتد إلى مجالات أخرى.
أخيراً فان تزويد الأفراد ببعض المهارات التي تمكنهم من العمل في الصناعة يجعل من السهل لهؤلاء العمل في المجال التجاري وليس العكس وذلك لمحدودية ما تتطلبه التجارة من مهارات مقارنة بالعمل الصناعي.
كل هذه النقاط السابقة تجعلنا نطالب بضرورة اعادة النظر في صناعتنا القائمة والتخطيط لصناعتنا المستقبلية بهدف زيادة مساهمتها ليس فقط في استقطاب الشباب السعودي ولكن في تنمية اقتصادنا بصفة عامة، دون الاعتقاد بأن ما وصلت إليه صناعتنا من مستوى أو ان ما تحتضنه من عمالة هو طاقتها التي لا تستطيع تجاوزها، مع ضرورة التأكيد على ان احلال العمالة المواطنة في المجال التجاري هو أسهل بالتأكيد، مما يعني ضرورة الاهتمام به مع عدم اغفال العناية بتوطين العمالة في القطاع الصناعي والذي سيساهم في خلق مجتمع صناعي يجب أن يكون هو هدفنا على المدى البعيد.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.