يفترض ان تبدأ غدا الاربعاء في الولايات المتحدة الامريكية جولة ثالثة من المحادثات بين سوريا واسرائيل حول مطالب كل منهما لتحقيق السلام بينهما.
وتكتنف الموعد المقرر غداً شكوك سورية قوية، رغم تفاؤل بل تأكيدات وزيرة الخارجية الامريكية مادلين اولبرايت على عقدها في الموعد المقرر ورغم اعترافها بالصعوبات التي تحيط بهذه المحادثات.
وترجع الصعوبات التي أشارت إليها اولبرايت الى اسلوب المساومة الذي اعتمده الجانب الاسرائيلي لابتزاز السوريين والخروج بأكبر قدر من المكاسب غير المشروعة أصلاً، لأنه ليس من حق اسرائيل إذا كانت دولة متحضرة وتحترم الشرعية الدولية إن تطالب بأي مكسب او ثمن من سوريا يكون بمثابة مكافأة لها على عدوانها العسكري الذي احتلت به هضبة الجولان في 5 يونيو 67م.
ولو تخلت الولايات المتحدة بصفتها راعية لعملية السلام عن انحيازها التقليدي والتاريخي لاسرائيل لكانت وجهت كل ما تتمتع به من نفوذ وضغوط نحو اسرائيل دون ان تتعامل مع المعتدي والمعتدى عليه بهذا الانحياز الذي لم يُصب سوريا وحدها بالغبن، وإنما أصاب معها الشارع السياسي العربي من محيطه الى خليجه.
ومن المؤكد ان الانحياز الامريكي لاسرائيل هو الاساس الذي يستند إليه وعليه المفاوض الاسرائيلي في مساوماته لابتزاز السوريين.
ومن الواضح بعد هذا ان اسرائيل تريد ان تستثمر الاحتلال وتبرر به اقتطاع اجزاء من الجولان لتكون جزءا منها، كما أنها تريد ان ترفع سوريا الراية البيضاء باسم الأمن قبل ان تحصل على حقها في استعادة كامل الجولان المحتلة وبدون ضمان من اسرائيل او امريكا بذلك!
ففي الوقت الذي تطالب فيه سوريا بكامل أراضيها، تريد اسرائيل مجرد اعادة نشر قواتها في اجزاء من الجولان.
وفي حين ان سوريا تريد التساوي والتماثل في الترتيبات الأمنية تصرُّ اسرائيل على ان تتم هذه الترتيبات وفق إرادتها ورؤيتها الأمنية الخاصة دون اعتبار لحقوق سوريا المماثلة في الأمن.
وتصرُّ اسرائيل أيضاً على ما تسميه ضمانات باستمرار حصولها على المياه بنفس الكميات التي تستنزفها في ظروف الاحتلال الراهن في حين تدعو سوريا فيما يتعلق بشأن المياه بضرورة الاستناد الى مبادىء وقواعد القانون الدولي المتضمنة في اتفاقية الامم المتحدة لقانون استخدام المجاري المائية الدولية في الاغراض غير الملاحية .
وهناك جوانب اخرى ما زالت محل خلافات كبيرة بين الجانبين خاصة في جانب التطبيع السياسي والاقتصادي والدبلوماسي,, وهي خلافات تبرر القول بأن الجولة التالية من المحادثات اذا انعقدت في موعدها غدا لن تحقق نقطة واحدة على طريق التقدم اذا ما ظلت اسرائيل على شروطها المتعنتة، واذا لم تمارس الولايات المتحدة الرعاية والوساطة بين الجانبين بكثير من الحياد والعدالة التي تليق بمركزها العالمي كقوة عظمى تتحمل مسؤولية هامة ومتميزة تجاه الأمن والسلام الدوليين وتجاه تطبيق مبادىء واحكام الشرعية الدولية.
الجزيرة