Tuesday 18th January, 2000 G No. 9973جريدة الجزيرة الثلاثاء 12 ,شوال 1420 العدد 9973



أكثر من ستة آلاف مرشح يتنافسون على 290 مقعداً
انتخابات فبراير هي الأهم في تاريخ إيران

* طهران - أ, ش, أ - أ, ف, ب
الانتخابات التشريعية القادمة في ايران المقررة في الثامن عشر من فبراير المقبل ستكون ساخنة لانها تأتي في وقت تواجه فيه تحديات داخلية وخارجية لعل اهمها التنافس بين الجانبين المتشدد والمعتدل وانفتاح ايران على العالم الخارجي بعد ان انهت عزلتها التي وضعت نفسها فيها طيلة العقدين الماضيين.
ويتنافس في هذه الانتخابات التي اعتبرها المراقبون بأنها الاهم في تاريخ ايران نحو ستة آلاف مرشح على مائتين وتسعين مقعدا,, يتوقع لها المراقبون السياسيون ان تشهد تنافسا كبيرا بين الجناحين المتشدد والمعتدل خاصة ان الاول الذي يسيطر على مراكز النفوذ وفي مقدمتها مجلس الشورى ومجلس الاوصياء وجهاز المخابرات يبذل جهودا مستميتة للحد من اعداد المرشحين المعتدلين في الانتخابات القادمة.
وبنظرة فاحصة ومتأملة لخريطة المرشحين للانتخابات العامة الايرانية لابد ان يلاحظ نقطة مهمة تكمن في انه على الرغم من تفوق عدد المرشحين المعتدلين من حيث الدوائر التي يخوضون فيها الانتخابات على تلك الخاصة بالمحافظين المتشددين الا ان التيار المحافظ يتميز عن نظيره المعتدل بتماسك قواعده الانتخابية.
هناك جناح آخر هو جناح الاصلاحيين الذين فازوا بأغلبية المقاعد في اول انتخابات بلدية في تاريخ البلاد في فبراير الماضي 1999م ويأملون في السيطرة على البرلمان من اجل تعزيز ثقلهم السياسي وتقديم الدعم للرئيس محمد خاتمي الذي يحتاج الى تأييد الاكثرية في مجلس الشورى.
رفض 758 مرشحاً للانتخابات
اعلنت وزارة الداخلية ان 758 ترشيحا الى الانتخابات التشريعية المقررة في الثامن عشر من فبراير المقبل قد رفضت في كامل انحاء ايران اي نحو 11% من مجمل الترشيحات, وكان 6680 شخصا اعلنوا ترشيحهم الى الانتخابات التشريعية الايرانية السادسة منذ قيام الجمهورية الاسلامية عام 1979م.
وتنتمي غالبية المرشحين الذين رفضت ترشيحاتهم الى الحركة الاصلاحية المقربة من الرئيس محمد خاتمي او المعارضة الداخلية المحظورة التي تغض السلطات الطرف عن نشاطها, ونقلت وكالة الانباء الايرانية عن وزارة الداخلية قولها ان اللجان الانتخابية رفضت ترشيح تسعة نواب حاليين ورفض مجلس صيانة الدستور 402 ترشيح كان سبق ووافقت عليها اللجان التابعة لوزارة الداخلية, وكان المكتب الانتخابي لمجلس صيانة الدستور اعلن الاسبوع الماضي قبول 92% من الترشيحات التي قدمت وبالتالي تم رفض ثمانية بالمئة, ويقوم مجلس صيانة الدستور الذي يسيطر عليه المحافظون بالتحقق من تمسك المرشحين بمبادىء الثورة الاسلامية قبل الموافقة على ترشيحاتهم.
ورفض مجلس صيانة الدستور جميع مرشحي حركة تحرير ايران معارضة تقدمية اسلامية تغض السلطة الطرف عنها وكذلك ترشيحات المجموعات العلمانية المقربة من الليبراليين والقوميين.
وكان مسؤول مكتب الانتخابات في وزارة الداخلية جواد قاضمي زاخري اكد وجود العديد من الشخصيات الموالية التي ادت خدمات قيمة للثورة بين الذين رفضت ترشيحاتهم, واوضحت وزارة الداخلية ان اللائحة النهائية للمرشحين المقبولين ستصدر في التاسع من فبراير المقبل, وسيكون هناك 290 مقعدا في المجلس الجديد بدلا عن 270 وذلك بسبب النمو الديموغرافي في البلاد, وينتخب النواب بواسطة الاقتراع المباشر لفترة اربع سنوات,
وكان مجلس الشورى رفض مطلع الشهر الحالي ادخال التعديلات على القانون الانتخابي تنص على الغاء الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية, لكن مادة اخرى من القانون الذي اقر في الثالث من الشهر الحالي تنص على وجوب نيل المرشح 25% من الاصوات حتى يتم انتخابه من الجولة الاولى، الامر الذي سيعطي افضلية للمرشحين الذين يعرفهم الجمهور, وكان المطلوب حتى الوقت الحالي نيل ثلث الاصوات للفوز في الانتخابات, اما في الجولة الثانية وفي الانتخابات الجزئية، فيعتبر الحصول على الغالبية المطلقة امرا كافيا.
رافسنجاني يحذر من حرب أهلية
وعلى صعيد التنافس بين المرشحين لخوض الانتخابات يجيء تحذير الرئيس الايراني السابق هاشمي رافسنجاني والمرشح للانتخابات العامة القادمة في فبراير القادم من اندلاع حرب اهلية في بلاده واتهامه لمن اسماهم بالعناصر المارقة بالتخطيط لهذه الحرب في الوقت الذي لم يتبق فيه سوى ايام قلائل على اجراء اهم انتخابات في ايران نظرا للكثير من التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه ايران في الوقت الحاضر.
ولعل ابرز تحد يتعين على المسؤولين الايرانيين ان يجدوا لانفسهم مخرجا منه يكمن في فك الاشتباك بين جبهتي المعتدلين الذين يقودهم الرئيس الحالي محمد خاتمي وجبهة المتشددين الذين يتقدمهم المرشد علي خامنئي وهو تحد تزداد ضراوته مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في فبراير القادم.
يبذل المتشددون الايرانيون الذين يسيطرون على مراكز النفوذ وفي مقدمتها مجلس الشورى ومجلس الاوصياء وجهاز المخابرات جهودا مستميتة للحد من اعداد المرشحين المعتدلين في الانتخابات القادمة على الرغم مما تحظى به هذه المحاولات من ادانة وشجب من الكثير من الشخصيات البارزة في ايران وفي مقدمتهم حجة الاسلام هادي خامنئي شقيق المرشد الروحي الحالي الذي انتقد قرار مجلس الاوصياء بحرمان عدد من المعتدلين من خوض الانتخابات القادمة ووصف القرار بأنه خاطىء .
من جانبهم لم يقف المعتدلون مكتوفي الايدي ازاء هذه الاجراءات حيث سارع اثنان وثلاثون سياسيا اصلاحيا ايرانيا الى تقديم رسالة الى الرئيس خاتمي يعربون فيها عن مخاوفهم من محاولات استبعاد المرشحين المعتدلين من الانتخابات القادمة وطالبوه بالعمل على ضمان التزام مجلس الاوصياء بقوانين البلاد واجراء انتخابات عادلة ونزيهة اعتمادا على محاولته الناجحة التي قام بها من قبل عندما اجبر مجلس الاوصياء على التراجع عن قراره باعلان عدد من المرشحين الاصلاحيين غير مؤهلين للانتخابات البلدية التي جرت في فبراير العام الماضي مما اتاح لهم الفرصة لخوض الانتخابات في ذلك الوقت.
الإيرانيون يدينون بأربعة أديان سماوية ويتحدثون خمس لغات
ويكتسب تحذير رافسنجاني خطورته من واقع خريطة التركيبة السكانية لشعب ايران التي تتسم بالتنوع العرقي والعقيدي بشكل يجعلها تكاد تكون بمثابة لوحة فسيفسائية تضم عرقيات ولغات واديان ومذاهب عديدة حيث يتوزع سكان ايران البالغ عددهم ستين مليون نسمة على اربعة اديان هي الاسلام والمسيحية واليهودية والزرادشتية.
ويتحدث سكان ايران خمس لغات هي الفارسية وينطق بها 50,2% من السكان والاذربيجانية 6% والغيلانية 6% والكردية 5,6% والعربية 2%، اما على الصعيد المذهبي لابناء العرقيات الايرانية فان 90% من الفرس يسيرون على المذهب الشيعي و5% منهم يتبعون مذهب السنة ومثلهم يعتنقون البهائية,
ويتبع 95% من الاتراك مذهب الشيعة بينما يسير 5% منهم على المذهب السني في الوقت الذي يتبع 65% من الاكراد المذهب السني والباقون 35% يسيرون على المذهب الشيعي اما العرب فان 70% منهم يتبعون مذهب الشيعة والباقون من السنة ويتوزع البلوش الايرانيون على المذهبين الشيعي 20% والسني 80%.
ومن منزله الذي يعيش فيه رهن الاقامة الجبرية في مدينة قم المقدسة ندد اية الله منتظري بالطريقة التي تدار بها البلاد واتهم المحافظين العمل على احتكار السلطة.
وانتقد خامنئي قائلا: انه لا ينبغي له ان يكون فوق مستوى القانون وان يتقبل الانتقادات ويتحمل تبعات تصرفاته وشجب قرار مجلس الاوصياء الخاص باستبعاد عدد من المرشحين المعتدلين للانتخابات القادمة وهنا وقف خامنئي ليحذر من مغبة تأجيج التوتر قبل موعد اجراء الانتخابات ووصف العناصر المسؤولة عن ذلك بانها اياد خائنة.
والمتأمل لخريطة المرشحين للانتخابات العامة الايرانية لابد وان تقع عينه على نقطة مهمة تكشف انه على الرغم من تفوق عدد المرشحين المعتدلين من حيث الدوائر التي يخوضون فيها الانتخابات على تلك الخاصة بالمحافظين المتشددين الا ان التيار المحافظ يتميز عن التيار المعتدل بتماسك قواعده الانتخابية,وقد اثار قرار الرئيس الايراني السابق علي هاشمي رافسنجاني خوض الانتخابات القادمة المخاوف في صفوف المعتدلين الذين يخشون ان تعاود الرئيس السابق احلام العودة الى مقعد الرئاسة الايرانية من موقعه تحت قبة البرلمان كما حدث له من قبل ومبعث المخاوف هنا هو امكانية لجوء رافسنجاني في حال فوزه الى وقف البرنامج الاصلاحي الذي يتبناه الرئيس الحالي المعتدل خاتمي خاصة بعد ان وضع التيار المحافظ رافسنجاني على رأس قائمة المرشحين المحافظين في العاصمة طهران لذا لم يتردد شقيقه محمد رافسنجاني نائب الرئيس الحالي خاتمي في انتقاد الصحف المؤيدة له لانتهاجها خطا معاديا لمبادىء المجتمع المدني الذي يسعى خاتمي الى اقامته,وعلى النقيض من ذلك وقفت فائزة ابنة رافسنجاني المرشح الى جانب والدها في معركته مع المعتدلين حيث شنت هجوما لاذعا ضد اليساريين والليبراليين ووصلت الى حد اتهامهم بالتضحية بمصالح البلاد.
المعتدلون سجلوا انتصارات قبيل الانتخابات
وفي غمار المعركة الضارية بين الاصلاحيين والمحافظين تمكن التيار المعتدل مؤخرا من تسجيل نقطة لصالحه قبيل بدء الانتخابات تتمثل في اسقاط مشروع قانون بمجلس الشورى من شأنه ان يمنح منافسيهم فرصة التفوق عليهم في الانتخابات حيث يتضمن المشروع الغاء نظام الجولة الثانية من الانتخابات الذي يتيح للمرشح دخول المجلس بمجرد فوزه بالاغلبية النسبية وهو ما لايخدم الاصلاحيين.
وسجل التيار المعتدل نقطة لصالحه عندما نجح في تمرير قانون يسمح للبنوك الاجنبية وشركات التأمين بممارسة العمليات التجارية في ثلاث مناطق حرة تقع في جزيرتي كيش وقشم وفي ميناء شاباهار بالقرب من الحدود الايرانية الباكستانية التي وصفها كيفي كفيرتون مدير المشروعات الجديدة بشركة شيفرون الامريكية للبترول هذه المناطق بأنها خطوة في الاتجاه الصحيح في ايران بينما شدد ادوارد كار مدير مؤسسة بارتيان سيكيورتيز السويسرية على ضرورة تقديم الحكومة الايرانية المزيد من الحوافز والضمانات للشركات الكبرى مشيرا الى انه من المحتم ان تتدفق الاستثمارات على ايران وتكهن بانها ستكون هائلة.
ويستمر مسلسل انتصارات المعتدلين متواصلا حيث نجحوا تحت قبة مجلس الشورى الذي يهيمن عليه المحافظون في ارجاء التصويت على مشروع قانون يتضمن تقييد الحريات الاعلامية التي يعتبرها التيار المتشدد تهديدا للنظام الاسلامي في ايران والمهم هنا ان التأجيل تم لثلاثة اشهر مما يعني ان المجلس الحالي لن ينظره.
الصراع في إيران نتاج للصراعات عام 1979م
واقع الحال ان الصراع الحالي بين المعتدلين والمتشددين يستمد جذوره من سلسلة من الصراعات جرت في اعقاب قيام الثورة الايرانية عام 1979م وسطعت مثل شمس نهار الصيف بعد رحيل الخميني ولكنه صراع لا يختلف كثيرا عما حدث اثناء الثورة الفرنسية بين اليعاقبة والجيروند او بين البلاشفة والمناشفة بعد الثورة الاشتراكية في روسيا,
وعبر الصراع على السلطة وعمليات تصفية الحسابات السياسية في ايران عن نفسه في سلسلة من الاغتيالات ابرزها اغتيال اية الله مطهري منظر الحزب الجمهوري الاسلامي في مايو 1979م واغتيال اية الله حسن بهشتي الذي حل محل مطهري وواجه نفس مصيره في يونيو عام 1981م ومصرع الرئيس الايراني محمد علي رجائي عقب عزله من منصبه عام 1981م ولم يمض عليه سوى شهرين فقط في السلطة.
وليس بعيدا عن الصراع بين رجال الدين الايرانيين يبرز التحدي الكردي قويا في مواجهة السلطة الايرانية حيث لا يكل الاكراد ولا يملون من المطالبة بالحكم الذاتي ويبلغ عددهم 1,5 مليون نسمة يعيشون على مساحة 125 الف كيلو متر من مساحة كردستان ويتركزون في كرمنشاة وازدلان ومقاطعة لورستان بالقرب من الشمال الشرقي للعراق وهنا مكمن الخطر بسبب عمليات عبور الحدود التي يصعب السيطرة عليها واستخدام الاكراد كورقة للعب بها على طاولة رجال السياسة في البلدان التي تأويهم.
ويبدو ان قائمة التحديات التي تواجهها الحكومة الايرانية لا تنتهي حيث يتعين عليها ان تواجه تحدي ارهاب جماعات المعارضة وفي مقدمتها منظمة مجاهدي خلق التي تشن بين الحين والآخر هجماتها على المؤسسات وجهات الامن الايرانية وآخر هذه العمليات ما جرى مؤخرا من مواجهة بين اعضاء هذه المنظمة ورجال الامن الايرانيين.
الاقتصاد هو التحدي الأكبر لطهران
على ان التحدي الاكبر الذي تواجهه ايران حاليا هو علاج مشاكلها الاقتصادية التي تفاقمت بعد انهيار اسعار البترول ومشتقاته الذي يشكل نسبة 90% من الصادرات الايرانية في الوقت الذي تجاوزت فيه الديون المحلية للحكومة حاجز العشرين مليار دولار بينما فاقت الديون الخارجية حاجز العشرة مليارات دولار وانعكس الوضع الاقتصادي على الاوضاع الامنية حيث شهدت ايران اعمال عنف عام 1992م في كل من مشهد وشيراز واراك احتجاجا على شيوع الفقر وارتفاع اسعار السلع الاساسية.
ربما كانت المشاكل الاقتصادية وراء هذه المرونة التي تشهدها في علاقات ايران الخارجية مع دول لم يكن بوسع اي متفهم لطريقة التفكير الايرانية ان يتصور انه سيأتي اليوم الذي تطأ فيه قدم مسؤول ايراني ارض دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وايطاليا,, وقريبا في المانيا التي من المقرر ان يزورها الرئيس خاتمي.
ولابد ان تثير هذه الاوضاع نوازع الشر في نفوس مثيري المتاعب في ايران الذين يحلو لهم عقد مقارنة هي في الواقع ظالمة بين ايران الامس وايران اليوم التي تواجه تطورات متلاحقة على الساحتين الاقليمية والعالمية تدفعها دفعا الى اعادة النظر في الكثير من السياسات التي عفا عليها الزمن.
ومن المؤكد ان هذه التطورات هي التي اقنعت القيادة الايرانية بالموافقة على سباحة الاجنبيات في مياه جزيرة قشم كما يحلو لهم وليس بالشادور والتغاضي عن هذا الكم الهائل من الاطباق اللاقطة الدش التي ترتفع فوق اسطح المنازل الايرانية فاتحة ذراعيها لاستقبال صور واخبار كانت بالامس القريب من المحرمات.
رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.