آهة الضمير الحي هي تجريب صوتي يراد به الإشارة إلى موطن الداء،وإلى امكانية الشفاء منه أو الفناء,, هي تجربة إنسانية نقول عنها قصيدة أفعال مكتظة أو نثرية، بل نقول عنها شعراً ان أردنا,, ويقول عنها اليابانيون انها هايكو طالما أنها طرح وصفي دقيق لا يحتمل الاستفاضة والوصف الزائد عن الحاجة أحياناً.
فكم نحن بحاجة إلى مثل هذا اللون الياباني في قول المفيد لعلنا نستميل الذات ان تقول آهاتها دون اطناب أو حشو بكائي لاهج بفواجع آنية أو غابرة.
الشعرية تحتاج إلى وقفات شجاعة تنبع من أهل الكلمة، واصدقاء الحرف واعداء القبح لعلنا نحقق في تأملنا لها ما نطمح فيه,, لعلنا نصف الأسد بصورة تخرجه عن نمط الضراوة,, والخيل من عذابها البطولي لنراها تتأمل حال العربة أمامها أو خلفها.
هايكو الياباني هو صورة شعرية شفيفة ورشيقة لاتتعدى عشر كلمات تتكثف فيها صورة الحياة في فصل كامل لتولد في الذات نشوة برئها من مرض الحياد والتغييب.
تحت زخات الربيع
يتحادثُ
معطف القش والمطر
(كتاب هايكو ترجمة صلاح صلاح ص 35)
في السرد القصصي والروائي نود هايكو جديداً يخفف حدة الاطناب والتأوه الدائب,,نود قصة تتخفف من ايغالاتها الانفعالية,,ونود رواية لا تضنينا كقراء من أثقالها وشطحات أهلها المنهكين كالفراشات نحو النور,.
الشاعر مريد البرغوثي كتب روايته شبه الجديدة رأيت رام الله تميزت في وصف سيري ربما أفادته طروحات هايكو ليحزم لنا قضية الوطن الفلسطيني على مدى ثلاثين عاماً في قبضة سردية واحدة لندهش من هذا التكثيف المثمر وغيرالممل,, لا أدري هل قرأ البرغوثي كتاب هايكو أم انه سبق بحدسه هذا التوجه الذي يجب توفره في كل انشاد شعري وانشاء سردي قادم على ان تبقى آهة الضمير حية وقوية مهما اختصرنا.
عبدالحفيظ الشمري