بوح سيدة المدائن 1 - 2 إبراهيم الحميدان |
المدينة المقدسة,, وهي مكة المكرمة,, لها عبير يشعر به الزائر لها مهما ابتعد عنها ثم عاد اليها,, فهي تتلقاه بحنو وعاطفة مثل أم رؤوم,, وكأنما تذكره بمكانتها في قلوب مئات الملايين,, اذ ان هذا العدد الضخم من المؤمنين بهذا الدين العظيم والذين يتكاثرون على مدى التاريخ يتواجدون في هذه المدينة المقدسة في وقت واحد من كل عام لغاية واحدة وهي التعبد وتأدية فريضة روحية ولاسيما في فترة الحج بينما يتواجد بما يقارب هذا العدد في اوقات متفرقة لتأدية فريضة العمرة وطوال العام لذا فانه من الامور العادية ان ترى اختناق المرور والارتباك على اشده في تلك الفترات خصوصاً حول منطقة الحرم المكي الشريف والشوارع الموصلة لها حيث تأدية واجب الطواف ثم السعي لكلتا الحالتين الحج والعمرة ورغم ان الدولة على مدار اكثر من ربع قرن تحاول وسعها جزاها الله كل خير توسعة ما حول تلك المنطقة كما هو الحال حول المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة ولكن الزحام يبقى على اشده واشتباك المواصلات الى درجة الاختناق الكامل لا مندوحة عنه في تلك الفترات وهو امر يتعذر تلافيه الا عن طريق الدراسة المتأنية ولم يكن في اعتقادي زيادة ارباك المنطقة بتواجد تلك العمارات التسويقية حول منطقة الحرم فحسب والتي احتوت على محال تجارية فخمة ومطاعم حديثة وخلافها لاستغلال تواجد ذلك العدد الوفير من الناس لغايات تجارية كان يتوجب الانتباه لتأثيراتها والعمل على دفعها عن تلك الضاحية لعدم الاختلاط التسويقي والاداء الروحي, وانما لكون الاعداد التي اصبح في مقدورها التوجه الى اماكن العبادة يزداد بل ويتضاعف بعد ان تم وضع ضوابط وشروط ميسرة للقدوم سواء للحج أو العمرة التي اقرتها حكومة المملكة العربية السعودية بتوجيهات القيادة وعن طريق لجان على مستويات رفيعة حتى تمكن المسلمين في شتى انحاء العالم من تأدية هذه الفريضة وهي ركن من اركان الدين الاسلامي الحنيف ومتممة له كما للصحوة الاسلامية المباركة تأثيراتها بعد ازدياد الوعي وتلاحم المسلمين على اثر تضافر جهود الدعاة.
وهذا لا يعني بأن السبل قد اقفلت لوضع تسهيلات اكثر امام تأدية تلك الفريضة خصوصاً لحجاج الداخل وكذلك المعتمرين مما اوجب تقنين الاعداد ووضع شروط من بينها ان تكون حصة هؤلاء هي كل خمسة اعوام كون العمالة التي تدين بالاسلام ما زالت ضخمة وتتسابق نحو تأدية الفريضة اكثر من مرة مع انني اشك في تطبيق هذه النسبة بصورة جيدة وهي مسؤولية المكاتب التي تقوم بنقل المقيمين من الداخل بمن فيهم السعوديون بعد ازديادها وتكاثرها ولا ننسى ان المسلمين في الدول الاشتراكية السابقة اصبح في وسعهم تأدية هذه الفرائص بعد ان انزاحت عنهم غمة ذلك النظام الدكتاتوري البغيض الذي كان يحجر عنهم حتى الجهر بانتماءاتهم الدينية.
وقد طرحت عدة تصورات لتخفيف ذلك الزحام المروري بالذات على مدى السنوات الاخيرة بما في ذلك الاستفادة من خدمات السكك الحديدية بعد ان تبين ان الحافلات صغيرها وكبيرها تشكل عائقاً في تسيير الوفود وتنقلها ما بين الحرم المكي والمشاعر، وغيرها من الوسائل الحديثة دون عوائق وهذه الطروحات لاقت في اعتقادي كثيراً من الاستحسان بدليل ان بعض المسؤولين شكلوا لجاناً لدراستها ومن ثم تنفيذها وهذه الأفكار تحتاج الى اعتمادات مالية ضخمة لذا فانني اتصور أن طرحها لمساهمة كافة المسلمين القادرين عن طريق شركة مساهمة للقطاع الخاص وليس الحكومي فكرة معقولة.
|
|
|