دقات الثواني يالتسن,, التاريخ الأسود د, عائض الردادي |
عندما أعلن عن سقوط الاتحاد السوفيتي كان ابرز المؤيدين للتفكك هو الرئيس بوريس يالتسن وحظي اذ ذاك بالرضا والتأييد من الغرب الاوروبي الذي سعد برؤية القوى الكبرى المواجهة له تتساقط خلال ايام، وكانت تلك اول نقطة سوداء في السجل التاريخي ليالتسن فقد رضي بدولة صغيرة (وان كانت مؤلفة من 17 جمهورية) عن اتحاد كبير يشكل قوة عظمى في العالم، وليته وقف عند هذا الحد، بل مازال ينزل بروسيا شيئا فشيئا حتى تركها وهي تترنح كما كان يترنح من سكره الدائم.
وكان الموقف الاسود الأكبر حين حاصر الجيش الروسي الكبير مبنى البرلمان ليشعل ادواره ناراً شاهدها العالم كله على النواب المعتصمين سلمياً في مبنى البرلمان لحل بعض المشكلات مع الرئيس، فكانت تلك اول حادثة فيما اعرف تكون فيها وسيلة التفاهم بين رئيس الدولة وممثلي الشعب المنتخبين قذائف المدافع وألسنة النار لا ألسنة البشر.
وكل حادثة ليالتسن اكبر من اختها فقد أقدم عدة مرات على اقالة رئيس الوزراء وغيره من كبار المسؤولين خلال لحظات، وبعد شهور من التعيين حتى ذلك الرئيس للوزراء الذي طرحه على النواب ثلاث مرات ورفضوه فهدد بإقالة البرلمان إن لم يوافق عليه في المرة الثالثة حسب الصلاحية المخولة بالدستور، فأثبت للتاريخ انه الحاكم بأمره وان بينه وبين الديمقراطية ما بين العدل والجور.
وفي البوسنة والهرسك وبعدها في كوسوفا وقف يالتسن مشاركا في المذابح انتصارا لمذهبه الارثوذكسي، فكانت روسيا الدولة الوحيدة التي أيدت المذابح الوحشية سياسيا وعسكريا.
وكانت آخر مآسي يالتسن الدماء التي مازالت تسيل في الشيشان والتي ذبح فيها الشيشان مثل ما ذبح مجد روسيا ليختم عهده بهزيمتها على يد شعب صغير هو شعب الشيشان لا يملك من القوة الا قوة الحق ولم يأخذ درساً من هزيمته قبل خمس سنوات ولم يدرك انه شرك من عدوه التقليدي في الغرب.
اما الفساد المالي والحكومي مما لا يعني العالم الخارجي كثيراً فإن ما اعلن منه كغسيل الاموال واهدار الاموال العامة على حاشيته وعائلته سيكون قليلا من كثير لم يعلن بعد، وهو هين الى جانب اهدار كرامة بلاده التي كانت قائدة للعالم فأصبحت قزما عسكريا وسياسيا واقتصاديا، وأصبح شعب روسيا شعباً متسولا وهو الدولة العظمى.
وبعد ان غادر يالتسن مبنى الرئاسة ذهب الى اسرائيل ليرى المذلة هناك وليغلق سجله التاريخي بآخر غلاف أسود ليكون أسود من بدئه الى نهايته.
|
|
|