طباق وجناس خطرات في نظام التأمينات المقترح! محمد أحمد الحساني |
كنت قد تطرقت في مقالين نشرا مؤخرا في جريدة البلاد الى نص التعديلات المقترحة على نظام التأمينات الاجتماعية المدروس من قبل مجلس الشورى المرفوع لمقام مجلس الوزراء، وذلك عقب قيام جريدة الشرق الاوسط بنشر الملامح الرئيسية للنظام المقترح في عددها الصادر يوم 9/7/1420ه حيث قامت الجريدة بعمل جدولي مقارنة بين النظام الحالي للتأمينات والنظام المقترح موضحة ما قد يطرأ على النظام الحالي المطبق منذ عام 1393ه من تعديلات جوهرية.
ولما كان عدد المؤمن عليهم الخاضعين للنظام من ابناء هذا الوطن يربو على مليون شخص ولعلاقة نظام التأمينات بحياتهم ومستقبلهم بعد المعاش وحرصاً على استكمال مناقشة النظام المقترح بتوسع برجاء قيام الجهات المعنية بإجراء مزيد من المراجعة للنظام المقترح فقد رأيت انا من المناسب اعادة التطرق الى ما لاحظته من هنات في النظام المقترح حاصراً ملاحظاتي في النقاط التالية:
اولاً:
جعل النظام المقترح معامل احتساب المعاش التقاعدي جزءاًمن اربعين جزءا بدل جزء من خمسين جزءا وحسب النظام المطبق حالياً وهذا شيء حسن الا ان النظام المقترح رفع نسبة ما يستقطع من المؤمن عليه الى تسعة في المائة بدل خمسة في المائة، ومن جهة العمل الى تسعة في المائة بدل ثمانية في المائة وذلك مساواة للمؤمن عليه في الاستقطاع بموظفي الدولة، مع الغاء منحة العائلة التي كانت تعطى للمؤمن عليه بعد احالته للمعاش بنسبة عشرة في المائة من معاش التقاعد للشخص الاول من العائلة وبنسبة خمسة في المائة لكل من الشخصين الثاني والثالث، ولأن القائمين على هذه التعديلات المقترحة في مجلس الشورى معظمهم من موظفي الدولة فقد حَسَبوها من زاوية واحدة هي انه مادام انه قد تم تحسين المعامل الذي يعتمد عليه في حساب معاش المؤمن عليه حسب ما ذكر في السطور السابقة فلا بد من رفع نسبة الاشتراك وما يستقطع شهرياً من اجر المؤمن عليه والغاء منحة العائلة ولكن واضعي التعديل اهملوا زوايا اخرى من اهمها ان هناك فرقاً في ساعات العمل اليومي والاسبوعي والشهري والسنوي بين الموظف الحكومي والمؤمن عليه الخاضع لنظام العمل والعمال وهذا الفرق يمكن حسابه اسبوعياً وسنوياً ببساطة اذا ما علمنا ان المؤمن عليه يعمل ثماني واربعين ساعة في الاسبوع مقابل خمس وثلاثين ساعة للموظف الحكومي وان اربعين عاماً من العمل الخاضع لنظام العمل والتأمينات تزيد عن خمسة وخمسين عاماً من العمل الحكومي، وكان المؤمل ان يلاحظ واضعو النظام المقترح هذه الامور عند اقتراحهم للتعديلات لا الاكتفاء بالنظر الى المسألة من زاوية واحدة!
ثانياً:
ولعل الادهى والامر مما تقدم ذكره ومما سيكون له اثر سلبي بالغ التعقيد على المؤمن عليهم في مستقبل حياتهم ما ورد في احدى فقرات النظام المقترح من تحديد لسن معينة من عمر الانسان اذا بلغها المؤمن عليه يوقف اعتبار اية زيادة في اجره لصالح الاشتراك في التأمينات وقد حدد النظام المقترح هذه السن ببلوغ العامل خمسين عاماً من عمره وذلك يعني ان العامل لن يستفيد من الزيادات التي تطرأ على اجره منذ بلوغه سن الخمسين حتى تقاعده على الرغم من استمراره في دفع نسبة الاشتراك، مما يؤدي بالتالي الى خلل خطير في عملية احتساب معاشه التقاعدي عند بلوغه الستين من عمره لان الحساب سيكون على اساس اجره عندما كان في الخمسين، مما يعني ايضاً ان النظام الحالي لاحتساب المعاش على الرغم من ان معامل الاحتساب جزء من خمسين جزءاً افضل في هذه الحالة من النظام المقترح مع ان المعامل جزءا من اربعين جزءا وكمثال توضيحي لما ذكر نقول: لو ان مؤمناً عليه بدأ حياته الوظيفية بألفي ريال شهرياً وعندما بلغ سن الخمسين اصبح اجره اربعة آلاف ريال وعندما اصبح في الستين كان اجره خمسة آلاف ريال فان النظام الحالي يضرب سنوات خدمته ولنقل انها ثلاثون عاماً في راتبه وهو خمسة آلاف ريال على خمسين معامل احتساب المعاش فيكون الناتج ثلاثة آلاف ريال يضاف اليها منحة العائلة عشرين في المائة فيكون المجموع ثلاثة آلاف وستمائة ريال.
اما حسب النظام المقترح فان الموظف نفسه يحتسب معاشه التقاعدي بضرب سنوات خدمته وهي ثلاثون في اجره عند بلوغه الخمسين وهي اربعة آلاف ريال على اربعين وهو المعامل الجديد لاحتساب المعاش فيكون الناتج ثلاثة آلاف ريال ولا شيء غير ذلك اي اقل من المعاش الذي يأخذه المؤمن عليه حسب النظام الحالي بعشرين في المائة مع انه حسب النظام المقترح يدفع تسعة في المائة اشتراكات شهرية يدل خمسة في المائة فيكون النظام المقترح في هذه الحالة حشفا وسوء كيلة !
ثالثاً: سمح النظام المقترح بالتقاعد المبكر لمن لديه خمس وعشرون سنة تأمين وكان الافضل ان يجعلها عشرين سنة تأمين جوازاً وخمسا وعشرين سنة نظاماً اسوة بنظام الخدمة المدنية والتقاعد المدني ومع ذلك يمكن وصف هذا التعديل بالانجاز لان النظام الحالي لا يسمح بالتقاعد المبكر اطلاقاً، ولكن النظام المقترح لم يقدم حلاً لمن لديه خدمة تقل عن المدة المسموح بموجبها بالتقاعد المبكر وهي خمسة وعشرون عاماً مثل تصفية الاستحقاق عن تلك المدة اسوة بنظام التقاعد المدني بل ترك المسالة مفتوحة للتساؤل، او للفهم بأنه لا يجوز عمل تصفية لمن تقل سنوات تأمينهم عن الحد الذي يستحقون بموجبه التقاعد المبكر الا في حالة بلوغهم الستين وعدم حصولهم على سنوات تأمين كافية لصرف معاش تأمين لمن هم في حالاتهم فلماذا لا يضع النظام الجديد حلاً لهذه الفئة مثل ان يكون المؤمن عليه في سن الاربعين وله عشر سنوات تأمين وترك العمل فتصفى له واستحقاقاته عن السنوات العشر بموجب تنظيم يصدر للتصفية بدل مطالبته بالانتظار حتى بلوغ الستين للحصول على التصفية او المعاش وان عاد للعمل يعيد ما صفي له بموجب ترتيب معين!
وبالمناسبة فان هناك آلالافا من المؤمن عليهم ممن ينتظرون على احر من الجمر صدور النظام الجديد الذي يقر التقاعد المبكر للحصول على تقاعد مبكر وهذا يعني شغور آلاف الوظائف التي يمكن الحاق الشباب العاطل عن العمل بها ونأمل الا يطول انتظارهم!
واخيراً فان النظام المقترح قد رفع الهبة الممنوحة لتجهيز الموتى من المؤمن عليهم من الفي ريال حسب النظام الحالي الى عشرة آلاف ريال اهتماماً منه بالموتى وتجهيزهم فله الشكر على ذلك ولكن نأمل من النظام الجديد ان يهتم بالاحياء اكثر وان يلاحظ مالاحظناه ان وجد فيه ما ينفع الناس ويمكث في الارض والسلام!
حول مزاعم الدمنهوري
زعم يوسف دمنهوري رئيس تحرير جريدة الندوة سابقاً ولمدة ثلاثة عشر عاماً حسوماً انه استطاع خلال فترة رئاسته ان يسدد بعض ديون الجريدة والمؤسسة والشركة الطباعية وان الجريدة كانت في عهده تضطلع باعبائها المادية على الرغم من عدم وجود رأس مال لها ألبتة، وذلك ضمن حديث صحفي نشر في ملحق الاربعاء بتاريخ 23/8/1420ه وفي الواقع فان من حق الدمنهوري الدفاع عن فترة عمله ورئاسته لتحرير جريدة الندوة ووصف تلك الفترة بالانجاز او حتى وصفها بالعطاء الجيد في ارض قاحلة، ولكن من حق الذين عاصروا الندوة في فترة سبقت عهده وراقبوا عن كثب في عهده ان يتحدثوا عن الواقع مستدلين بأرقام تهامة في مجال الاعلان والوطنية في مجال التوزيع، لمعرفة ما حصل خلال فترة سنوات حكمه على الجريدة التي طال امدها بسبب عجز اعضاء مجلس الادارة او ارتياح بعضهم لما يجري او عدم اهتمامه لما يجري اصلاً وترك الامور تسير حسب الاهواء الثاتبة والمنقولة والساخنة والباردة والمعلبة والطازجة!
لقد كانت تهامة تدفع للندوة شهرياً مقابل عقد الاعلان الموقع بين الطرفين حوالي ستمائة الف ريال شهرياً وذلك حتى عام 1406ه وهو العام الذي تولى فيه الدمنهوري رئاسة التحرير ثم تناقصت الارقام بشكل درامي متسارع لتستقر في نهاية الامر عند مائتين وخمسين الف ريال شهرياً فلو جعلنا متوسط ما خسرته الجريدة من اعلانات شهرية في عهده ثلاثمائة الف ريال شهرياً فإن الجريدة قد خسرت في العام الواحد ثلاثة ملايين وستمائة الف ريال، فكم ستكون خسائرها خلال ثلاثة عشر عاماً حسوماً!! الشاطر يحكي ؟!
وكانت الندوة تطبع حتى عام 1406ه حوالي اربعين الف نسخة والرجيع لا يزيد عن خمسة وعشرين بالمائة اي ان الاشتراكات والمبيعات حوالي ثلاثين الف نسخة يومياً اي حوالي ثلاثين الف ريال في اليوم الواحد بعد خصم عمولات الوطنية للتوزيع بمعدل ريال واحد عن كل نسخة فلما جاء الدمنهوري انخفضت الاعداد المطبوعة الى حوالي عشرين الف نسخة يومياً نصفها للتوزيع وبلغ الرجيع ثمانين في المائة من الكمية الموزعة اي ان ما يوزع يومياً هو الفا نسخة فقط اي ان دخل الجريدة من التوزيع الفا ريال اضافة الى دخلها من الاشتراكات فلا يتعدى المجموع اثني عشر الف ريال في اليوم مقارنة بثلاثين الف ريال في العهد الذي سبق مجيء الدمنهوري فاذا ضرب الفارق في ايام الشهر او في ايام صدور الجريدة شهرياً وهو بمتوسط قدره 25 عدداً نجد ان الجريدة قد فقدت 450 الف ريال شهرياً فاضربوا ذلك في العام الواحد ثم في اعوام الدمنهوري ال 13 الحسوم فان فعلتم ذلك تجدوا ان ما يزيد عن تسعين مليون ريال قد فقدتها الجريدة خلال عهده كان من المفروض ان تدخل الى صندوق المؤسسة والجريدة لو انه ابقاها في نفس المستوى الذي كانت عليه حتى عام 1406ه ولم يطورها ويضف اليها شيئاً جديداً ولكن ذلك لم يحدث بل تدهورت الجريدة في عهده حتى وصلت الى طريق مسدود وبإمكان من يريد التأكد ان يسأل تهامة للاعلام والوطنية للتوزيع فعند جهينة الخبر اليقين؟!
لقد استلم الدكتور عبدالرحمن العرابي الحارثي الجريدة خرابة على حد التعبير الشعبي المكي فماذا يفعل لهذه الخرابة وكيف يمكن ان يطالب مثله بالمعجزات دون ان يمد له احد يد العون لاصلاح ما افسدته السنوات الحسوم واهلها ينظرون اليها ويسخرون منها، فلما جفت البركة وبانت الضفادع اخذوا يبحثون عن البديل ولكن بعد فوات الاوان او على الاقل بعد ان اصبحت الجريدة مثل صريع الغرام الذي تحتار الاطبا فيه على رأي ام كلثوم؟! ويبدو ان اليأس قد بلغ مبلغه من اصلاح احوال الجريدة حتى صرح احد ابرز اعضائها الدائمين انه يقترح اغلاقها تماماً تمهيداً لانشاء جريدة جديدة فهل هذا هو الحل الامثل والتصرف الحكيم وهل لدى اعضاء المؤسسة الحاليين القدرة على فعل شيء من هذا القبيل, وبعضهم ضالع فيما وصلت اليه الاحوال,,؟ نسأل الله لنا ولكم حسن الختام والسلام.
|
|
|