Monday 17th January, 2000 G No. 9972جريدة الجزيرة الأثنين 11 ,شوال 1420 العدد 9972



منطق
ماذا بقي بعد الرشوة؟
د, عبدالله بن عبدالرحمن آل وزرة

في بلاد كثيرة، غير بلادنا، يتعامل الناس بالرشوة (المحرمة في ديننا الاسلامي الحنيف)، وكأنها جزء لا يتجزأ من العرف والتقاليد عندهم، بل ويسمونها باسماء كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال: الإكرامية، (حق الشاي)، (البقشيش)، (دهان السير) وهذا الاخير هو أخطرها واشدها حرمة على الاطلاق إذ يفترض ان يدفع قبل إتمام العمل او الخدمة المنتظرة من المدفوع له، وهوالرشوة بعينها سميت بهذا الاسم احتيالا ومحاولة لإقناع الذات والآخرين انها ليست الرشوة المحرمة شرعا,!!! والمعروف ان من ضعفت نفسه امام الكسب السريع وغير المشروع يستغل ما بيده من صلاحيات لابتزاز من يحتاجون الى ما بيده من خدمات، فيماطل ويسوف ويعرقل الى ان يدفع له ما يطلب من مال (لا يستحقه) فيبادر عندئذ بتسهيل الأمور وتسريع الاجراءات لصالح الذي دفع الرشوة حتى ولو كان هناك من هو احق منه او ان بعض الانظمة لا تنطبق عليه شروطها.
هنا في بلادنا وفي سائر البلاد الاخرى يعاقب القانون على الرشاوى عموما، ويسائل المرتشي إذا ثبت انه حصل على رشاوى دفعت له لجلب مصلحة لغير مستحق، ولكن نلاحظ في بعض البلاد الاخرى ان هناك أشخاصاً يحميهم القانون (الوضعي) من المتابعة والمساءلة في حالة اكتشاف اخذهم للرشوة بدعوى الحصانة، كأن يكون رئيس دولة او مسؤولاً كبيراً لديه اسرار كثيرة يخافون ان هم طاردوه ان يفضح تلك الاسرار، او ان يعلن بعض ما لا يريدون اعلانه, أما المرتشون الذين ليست لديهم حصانة فغالبا ما ينتحرون هربا من الفضائح والتشهير بهم في وسائل الاعلام,أما ما يسمى ب(البقشيش) او (البخشيش) فهو اقل شأنا من سابقه، وهو معروف في كثير من الدول العربية والغربية، وهو مبلغ من المال قليل نسبيا، يدفع لسائق التاكسي زيادة على اجرته بعد ان يؤدي مهمته، ويدفع للنادل في المطعم او في المقهى عند دفع الحساب، وربما دفع لأصحاب مهن خدمية اخرى كحارس العمارة او ساعي البريد، وهو يزيد وينقص حسب اريحية او غنى الزبون، او درجة الرضا عن مقدم الخدمة، وكذلك حسب حجم الخدمة وقيمتها، وقد يتراوح بين 5 الى 15% من قيمة الحساب وربما اكثر في بعض الاحيان، وهو ليس إلزاميا ولكنه خيار اصبح كالاجباري.
هنا في بلادنا ولله الحمد لا نسمع عن الرشاوى إلا نادرا ومن خلال الصحف حيث يشهر بالمرتشين الذين يقعون في ايدي السلطة، وهذا دليل على ان مجتمعنا لا يخلو من ضعاف النفوس الذين قد يستغلون بعض الظروف لاخذ الرشوة الحرام او دفعها لمسؤول بغية الحصول على حق لا يستحقونه، ناسين او متناسين الوعيد الشديد والعقوبة المنتظرة للراشي والمرتشي، ومتجردين كذلك من القيم والمثل الاسلامية الرائعة التي بني عليها مجتمعنا المؤمن بشرع الله الذي يحرم هذه المعاملات المشبوهة، والتي يترتب عليها مفاسد عظيمة كأن تسند الامور الى غير الاكفاء، او تعطى الحقوق الى غير اهلها.
والله الهادي الى سواء السبيل وهو المستعان.
awazrah * yahoo.com

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.