واكتمل عام الحزن!,. د, عبدالقدوس أبو صالح * |
سمّاه بعض الناس عام الحزن,, وصدقوا!,.
فقد تخطّف الموت في هذا العام عددا من أكابر العلماء، لا تكاد أمة تجد مثيلا لهم ولا عوضا عنهم.
وكان آخر الراحلين في قافلة العلماء سماحة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي الذي أقل ما يوصف به أنه كان بركة العصر، وحكيم الهند، والركن الركين لرابطة الأدب الإسلامي العالمية.
فأما أنه بركة العصر فيكفي أن نستحضر ما قاله فيه فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي، إذ وصفه بقوله: وآتاه الله القلب الحي، والعاطفة الجياشة بالحب لله العظيم، ولرسوله الكريم، ولدينه القويم، فهو يحمل بين جنبيه نبعاً لا يغيض، وشعلة لا تخبو، وجمرة لا تتحول الى رماد.
هذا القلب الحي، يعيش مع الله في حب وشوق، راجياً خائفاً، راغباً راهباً، يحذر الآخرة، ويرجو رحمة ربه، كما يعيش في هموم الأمة على اتساعها، ويحيا في آلامها وآمالها، لا يشغله همٌّ عن همٍّ، ولا بلد عن آخر، ولا فئة من المسلمين عن الفئات الأخرى .
وأما أنه حكيم الهند فقد استطاع بحكمته وحنكته، وبمنهجه الفريد في الاعتدال والبعد عن الغلو ان يُنجي المسلمين في الهند وهم وسط جزيرة من الأعداء الحاقدين، وأقام جمعية رسالة الإنسانية فاستطاع أن يستل بها حقد كثير من الهندوس المتعصبين الذين انضموا الى هذه الحركة، وفيهم عدد كبير من ذوي المناصب العالية والمكانة المرموقة.
وأما أنه عماد رابطة الأدب الإسلامي العالمية وركنها الركين، فهو الذي سارت رابطة الأدب الإسلامي ببركة دعائه، وحكمته وتوجيهه، رعاها وليدة، وغذاها ناشئة، وظل يتعهدها بعد أن بلغت أشُدّها، وبعد أن أصبحت ثغراً من ثغور الإسلام، وحصناً من حصونه المنيعة، لن يؤتى الإسلام من قبله إن شاء الله تعالى.
ولقد دُعي رحمه الله إلى رئاسة الرابطة فاستجاب بحماسة بالغة، وكان أحب شيء إليه أن يحضر لقاءاتها، ويشهد ندواتها ومؤتمراتها، ولم يتخلّف قط عن دورة من دورات مجلس أمناء الرابطة، ولا عن مؤتمرات الهيئة العامة، على ما كان يلقاه من مشقة السفر ووطأة المرض الذي ثقل عليه حتى أقعده عن مؤتمر الهيئة العامة الخامس في الصيف الماضي.
وإنما انتشرت مكاتب الرابطة العشر في أنحاء العالم العربي والإسلامي بفضل شيخ الرابطة ومكانته، ولاطمئنان الحكام والمسؤولين إلى نهجه القويم وحكمته البالغة، ولقد كان مما أسرَّ به اليَّ عندما دعي إلى الدورة الأخيرة للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي قوله: أدعو الله أن يلهم الحكام والمسؤولين في العالم العربي والإسلامي أن يجعلوا من الأدب الإسلامي وسيلة لإيجاد جيل مؤمن بالله، متمسك بأخلاقه الإسلامية، معتز بدينه القويم وتراثه العظيم .
اللهم ارحم شيخنا الجليل وأسكنه فسيح جناتك,, اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده.
*نائب رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية
|
|
|