العنوان أعلاه هو عنوان كتاب للصحفي الشهير مصطفى أمين، وأنا هنا لست بصدد الحديث عن محتواه، فكثير هم الذين اطلعوا عليه ووقفوا على أسطره، لكنني بعد مطالعتي لهذا الكتاب تأملت كثيراً في معنى (حفظ تاريخ أي أمة)، عندما يسعى المعاصرون لشخصيات مؤثرة في مجالات مختلفة لتسجيل ذكرياتهم عن تلك الشخصيات من خلال مواقف بعينها قد تعني للبعض عدم الأهمية، في حين أنها في واقع الحال استكمال لصورة الشخصية أو أحداث بعينها.
وهنا لا بد لنا من توضيح حقيقة لعلنا نستفيد منها على نطاق واسع وهي أن الأشقاء المصريين حرصوا من خلال جميع وسائلهم على ترجمة ورصد تاريخهم من جميع زواياه وثغراته بدءاً بأحداثه الكبرى وشخصياته المهمة وانتهاء بالشعب الذين عايشوا تلك الشخصيات وعاصروا الأحداث؛ بمعنى أنهم رصدوا الحدث والشخصية وردود الفعل على كافة الأصعدة، فمثلاً نلحظ أن معظم الأفلام والمسلسلات التلفزيونية هي روايات وقصص عن تاريخ مصر وشخصيات مصر، وكثير هي المؤلفات التي صدرت لتوضح واقع فترة زمنية معينة أو لتتبع سيرة شخصية أو شخصيات، وفي اللقاءات والبرامج التلفزيونية والإذاعية نجد الحديث عن ذاك الشخص وتلك الأحداث، ومن هنا نجح المصريون في تعميق تاريخهم في أفئدة الشعوب العربية، وعرف شباب الأمة العربية من المحيط وحتى الخليج رموز مصر من مفكرين وأدباء وسياسيين وفنانين وغيرهم، في حين لا يعرفون أسماء وأهم الشخصيات الفكرية والوطنية والسياسية في بلدانهم.
إن هذه التجربة العاشقة لأرضها ورموزها تحتاج منا أن نقتدي بها، فبلادنا زاخرة بشخصيات أسهمت بنصيب طيب في تاريخ هذا البلد وعلى الأخص من الناحية الأدبية والفكرية والعلمية وحتى الفنية، فهناك من عرفوا حمد الجاسر وعبد الله بن خميس ومحمد حسن عواد وحسين سرحان وعزيز ضياء وحمزة شحاتة وعبد الكريم الجهيمان وأحمد عبدالغفور عطار وطارق عبدالحكيم ومحمد سندي,, إلخ، ففي حياة كل واحد من هؤلاء ثراء في الاحداث وتجارب ومواقف أخلاقية تدل على أصالة المجتمع.
إنني انتظر أن تتعدد الكتابات وأن تنتج الأفلام الوثائقية عن رموزنا الثقافية والفكرية ليتعرف أبناء الجيل المعاصر على مسيرة أجيال سابقة.