إذا كان الهدف من نشر وثيقة العمل الأمريكية التي قدمت للوفدين السوري والاسرائيلي، تهيئة الرأي العام الاسرائيلي، أو عمل صحفي وفق من خلاله من حصل على النص، فإن الذي يعنينا من الأمر أن الوثيقة التي لم ينف أي من الأطراف الثلاثة الأمريكيين والسوريين والإسرائيليين صحة ما جاء فيها من بنود ولهذا فان الذي يهمنا ما جاء فيها، حيث تظهر الوثيقة أن هناك عملا كبيرا قد أنجز وأنه ورغم الانطباع الأولي بوجود خلافات بين الجانبين إلا أن إمكانية تجاوز تلك الخلافات إمكانية واردة خاصة إذا ما تخلص الإسرائيليون من أسلوبهم المزمن المبني على سلب حقوق الآخرين واعتبار الاحتلال أمراً واقعا على الآخرين التعايش معه وليس تصحيحه.
وهذه النقطة هامة جداً في تحديد نسب النجاح أو الفشل في المفاوضات القادمة التي ستستأنف في ميرلاند قرب واشنطن، فتخلص الإسرائيليين من عقلية الإبقاء على الاحتلال يكفل للمفاوضات النجاح، أما إذا واصلوا أسلوبهم بمقايضة استحقاقات الانسحاب من الأراضي المحتلة وفرض التنازل على السوريين لكسب أي شيء فإنهم بذلك يحكمون على المفاوضات بالفشل لأن الشيء المؤكد والذي يعرفه الأمريكيون أكثر من غيرهم، أن جولات المفاوضات لايمكن أن تكون مفتوحة على فراغ، ولن يكون المفاوضون السوريون على استعداد لتطويل المفاوضات والدخول في مناورات مع الاسرائيليين للجدال على أشياء واضحة وحقوق لا يمكن التفريط بها.
وقبل أن ندخل في مناقشة نقاط الاختلاف والتقارب في المواقف السورية والإسرائيلية لما ورد في بنود الوثيقة الأمريكية، يجب التنبيه بأن سوريا لا يمكن أن تساوم أو حتى تقبل إطالة النقاش حول مبدأ إنهاء الاحتلال وإزالة آثار العدوان، ويدخل في إطار هذا المبدأ إنهاء كل أشكال الوجود الإسرائيلي على الأراضي السورية المحتلة، ولذلك فإن الحديث عن بقاء بضع مستوطنات في هضبة الجولان تحت السيطرة السورية، نوع من التحايل والسفسطة التي لا يمكن أن يقبل بها السوريون لأن الاستيطان مهما كانت صفة وجوده أحد أشكال الاحتلال وتمدد إسرائيلي في أرض عربية.
نعود إلى بنود وثيقة العمل الأمريكية ونتفق مع آراء العديد من الذين درسوا الوثيقة ونشروا آراءهم عما جاء فيها، وهو أن هناك تقارباً ووجود اتفاق واسع بين الطرفين، وستحقق المفاوضات نتائج إيجابية إذا ما أقرّ الإسرائيليون بحق السوريين في إعادة أراضيهم كاملة نظيفة من أي صورة من صور الاحتلال، أما باقي بنود الوثيقة أو نقاط الاختلاف والتقارب فإن التفاوض الجاد والنوايا الصادقة لتحقيق سلام عادل كفيل بسد الثغرة التي بقدر ما يظن الجميع عميقة ستكون مهيأة للطمر إذا ما طمر الإسرائيليون أطماعهم.
غداً نقاط الاتفاق ونقاط التباعد .
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com